عاجل

الصحافة اليوم: 13-2-2025 - تدوينة الإخباري

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الصحافة اليوم: 13-2-2025 - تدوينة الإخباري, اليوم الخميس 13 فبراير 2025 05:16 صباحاً

تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الخميس  13-2-2025 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.

الاخبار:

صحيفة الاخبارالعدو يدرس خياراته: استئناف الحرب ليس محتوماً

يبدو مشهد الكباش الحالي بين حركة «حماس» من جهة، وإسرائيل وأميركا من جهة ثانية، عبارة عن غموض ولايقين وترقُّب تصعيد. فهل الاتجاه نحو استئناف الحرب، أم أن الأمور ستذهب إلى تسوية نتيجة ضغط التهديدات المتبادلة؟ الأكيد، أنه لا إجابة يقينية، ولا ترجيح لأيٍّ من الاتجاهَين، وخاصة أن المجال لا يزال مفتوحاً أمام احتمال أن تكون التصريحات والتهديدات الواردة من تل أبيب وواشنطن مجرّد مناورة للضغط على «حماس»، التي كانت قد أعلنت وقف التزامها بإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين السبت المقبل، نتيجة مماطلة إسرائيل وتسويفها في تنفيذ التزاماتها.

وعلى رغم أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، تحدث بشكل واضح ومباشر، وأوحى بأنه قرّر استئناف الحرب إذا لم تلتزم «حماس» بإطلاق سراح الأسرى، لكنه «لم يحطّم الأدوات»، وتَرك المجال مفتوحاً للتنصّل من قراره في حال تقرَّرت العودة إلى مسار التسوية مع الحركة. وفي الوقت نفسه، جاءت تصريحات الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لتزيد من تعقيد المشهد، حيث وضع موعداً نهائيّاً لإطلاق سراح «جميع الأسرى الإسرائيليين» يوم السبت، محذّراً من انهيار اتفاق وقف إطلاق النار، إذا لم يتم ذلك. غير أن الأمر لم يستغرق طويلاً حتى عاد ترامب ليتراجع عن تصريحاته، قائلاً إنه لا يتوقّع أن تلتزم «حماس»، أو أن تخضع لهذا التهديد.

على أنه كان في إمكان نتنياهو، لو أراد فعلاً استئناف الحرب، أن يستغلّ تهديد ترامب الابتدائي، القاضي بنسف اتفاق وقف إطلاق النار ما لم تطلق «حماس» سراح جميع الأسرى الإسرائيليين؛ علماً أن الحديث كان عن جميع الأسرى، وليس فقط الذين كان مقرّراً الإفراج عنهم السبت، أو في المرحلة الأولى من الاتفاق. كما كان في إمكان نتنياهو أن «يقبل الهدية»، وفق ما ورد على لسان مصادر إسرائيلية مسؤولة، لو أراد فعلاً العودة إلى القتال. لكنه لم يفعل ذلك. فهل يشير ما تقدّم، إلى أنه يقرأ ترامب جيّداً، ويعتبر ما قاله الأخير مجرّد مناورة وعملية ضغط؟ أم أن نتنياهو عبّر عن «جبن»، بحسب تعبير مصادر في اليمين الإسرائيلي المتطرّف، لأنه لم يتلقَّ «الهدية الترامبية»؟

الفرضيّة القائلة إن إسرائيل ترى الفرصة مؤاتية للدفع ميدانيّاً وعسكريّاً تبقى واردة

على أي حال، باتت الأمور متروكة إلى موعد الاستحقاق، وربّما قبله في حال نجاح مساعٍ مرتقبة للوصول إلى تسويات: فهل تستجيب «حماس» للضغوط وتتراجع في اللحظة الأخيرة؟ أم تُقدِم على تنفيذ تهديدها، ما يضع الكرة في ملعب الطرفين الإسرائيلي والأميركي، واللذين قد يجدان نفسيهما ملزمَين بردود فعل قد لا تكون في مصلحتهما الفورية؟ طوال يومَي الإثنين والثلاثاء، صدرت إشارات متضاربة قيل إن مصدرها مكتب نتنياهو، لتكشف عن الشيء وعكسه، وذلك ربما في إطار مساعي رئيس الحكومة للتخفيف من وطأة التصريحات الصادرة عن اليمين، والتي تدعو إلى خطوات متطرّفة في غزة رداً على موقف «حماس». وأعقب تلك التصريحات ما صدر عن ترامب من تهديدات منحت متطرّفي إسرائيل آمالاً لجهة احتمال العودة إلى الحرب، الأمر الذي يُفسّر حملة الضغط الكبيرة على نتنياهو، والتي قادها وزير ماليته، بتسلئيل سموتريش، حين هدّد رئيس حكومته، بالقول: «اذا لم يتجدّد القتال (في غزة)، فسأفكّك الحكومة… وأنا لا أمزح في ذلك».
فهل تنتظر تل أبيب قرار واشنطن لتبني خطواتها المقبلة، بين الاتفاق والحرب؟ المؤكد حتى الآن، أن إسرائيل – نتنياهو، ترى في خطة ترامب لنقل سكان قطاع غزة إلى خارجه، فرصة كبيرة قد لا تتكرّر، إذ تحقّق أقصى مصلحة إسرائيلية أمنية وسياسية و»تهويدية» في الأراضي المحتلة، لم تكن واردة أصلاً في خيال المشروع الصهيوني والاستيطاني نفسه. فهل تقدم إسرائيل على الدفع بهذه الرؤية قُدماً، عبر استئناف الحرب والتهجير القسري للفلسطينيين من غزة؟
الفرضية القائلة إن إسرائيل ترى الفرصة مؤاتية للدفع ميدانيّاً وعسكريّاً، بمعيّة الدفع السياسي والضغط والتهويل على الأطراف الثالثة، بـ»رؤية ترامب»، تبقى واردة. لكن السؤال الأبرز لدى تل أبيب والذي بناءً على إجابته، تأتي الأفعال اللاحقة: ما مدى جدّية ترامب في طرحه؟ إن كان جادّاً، فهل لخطّته إمكانات للتحقُّق عمليّاً؟ وماذا عن دور إسرائيل فيها، سياسيّاً وأمنيّاً وعسكريّاً؟ إذا كانت الإجابة تحمل إمكانات، فمن المرجّح عودة إسرائيل إلى الحرب، فيما تصبح التطوّرات الأخيرة، بما يشمل التهديدات والتصعيد الكلامي، محاولة لإيجاد أعذار وحجج لإلقاء مسؤولية التصعيد على «حماس». لكن إذا وجدت إسرائيل أن الرؤية «الترامبية» غير عمليّة، ولا يمكن أن تتحقَّق على أرض الواقع، فلن تجدّد حربها؛ علماً أنها ستكون معنيّة بأن تستغلّ خطة التهجير إلى أقصى حدّ، في موازاة التهديد باستئناف الحرب، في سياق مفاوضات وقف إطلاق النار، وذلك من أجل كسب ما لم تستحصل عليه لحظة التوقيع على المرحلة الأولى من الصفقة، فضلاً عن إمكان استغلال الخطة نفسها في الترتيب الذي يلي، سياسيّاً وأمنيّاً، في قطاع غزة ما بعد إنهاء الحرب.
وهكذا، تبقى إسرائيل أمام خيارَين: إمّا الانخراط في مشروع ترامب الطموح، بشروطه المعقّدة وإمكاناته غير المؤكدة؛ أو استغلال هذه اللحظة لتحسين شروطها في أيّ اتفاق مستقبلي، من دون الانجرار نحو تصعيد عسكري قد لا يكون في مصلحتها على المدى القريب. وكلتا الفرضيّتَين تستدعيان من إسرائيل رفع النبرة التهديدية عالياً، مشفوعة بإجراءات على الأرض، كما حصل في اليوميَن الماضيَين، عبر الحديث عن استدعاء الاحتياط، وقرار المنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي الاستعداد لكل السيناريوات الممكنة.

المفاعيل السلبية مستمرة لعامَي 2025 و2026: الـUNDP تتوقع انكماشاً اقتصادياً بـ9.2%

أصدر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي «UNDP» تقريراً بعنوان «من الأزمة إلى التعافي: السلطات المحلية تواجه حقائق ما بعد الحرب»، ورسم توقعات اقتصادية سلبية ضمن المدى المتوسط أساسها التباطؤ الحاد في النشاط الاقتصادي، فضلاً عن الخسائر الكبيرة في رأس المال في جميع القطاعات، بما في ذلك البنية التحتية والمباني، والمصانع والمعدات والمرافق الخاصة والعامة.

ويقدّر البرنامج أنّ العدوان الصهيوني الأخير على لبنان سيؤدي إلى انكماش اقتصادي بنسبة 9.2%، مقارنةً بسيناريو عدم وقوع الحرب. وأن تستمر المفاعيل السلبية حتى عام 2026 بانكماش نسبته 2.3% في 2025، وبنسبة 2.4% في السنة التالية.

استند برنامج الـUNDP على مسوحات تغطّي 135 بلدية في 20 قضاء في كلّ المحافظات اللبنانية من أصل 392 بلدية (عدد البلديات في لبنان 1465) أبلغت عن تأثرها بالاعتداءات. من ضمن البلدات المغطاة بالمسح، كانت هناك صعوبات «في الوصول إلى 62 بلدية موجودة في مناطق مقطوعة».

63% من الوحدات المتضررة في الضاحية مدمرة بشكل كامل ما يمثل النسبة الأعلى من الدمار

وتبيّن بحسب المسح، أنّ الأصول المتضرّرة بالعدوان تبلغ 90 ألفاً و76 تشمل وحدات سكنية ومحال تجارية ومنشآت زراعية، وبنى تحتية مثل المدارس والمستشفيات ومنشآت المياه والاتصالات والكهرباء. وبلغ عدد الأصول المدمّرة بشكل كامل 23 ألفاً و489، أي 23%، فيما الباقي متضرّر جزئياً. وبلغ عدد الوحدات السكنية المتضرّرة، نحو 59 ألفاً و577 وحدة سكنية، ومنها 29% مدمّرة بشكل كامل، أي نحو 17 ألفاً و277 وحدة.

ويمثل هذا الرقم 6% من إجمالي عدد الوحدات السكنية في المناطق المستهدفة بالعدوان. وأعلى عدد من الوحدات السكنية المتضررة كان في منطقة بعبدا العقارية، أي في الضاحية الجنوبية، إذ بلغ 16 ألفاً، علماً أن 63% من الوحدات المتضررة في هذه المنطقة بالتحديد مدمّرة بشكل كامل، ما يمثل النسبة الأعلى من الدمار.

وفي قضاء النبطية، بلغ عدد الوحدات المتضررة 14 ألفاً و667 وحدة، وفي قضاء بعلبك 10 آلاف و274 وحدة سكنية، وفي أقضية صور وصيدا وبنت جبيل ومرجعيون بلغ عدد الوحدات المتضررة 16 ألفاً و258 وحدة.

بحسب نتائج المسح، وصل عدد الوحدات التجارية المتضررة إلى 14 ألفاً و748 مؤسسة تجارية، من أصل 30 ألفاً و685 مؤسسة محدّدة في المناطق الممسوحة، أي ما نسبته 48% من المحال التجارية، والتي تشمل أيضاً المصانع والورش الصغيرة والعيادات ومكاتب الخدمات على اختلافها.

«يجب النظر إلى تأثير تدمير هذه المؤسسات على مجمل القطاعات الاقتصادية» وفقاً للتقرير، إذ تبرز «حاجة ملحّة إلى اعتماد نهج تعافٍ شامل، وخاصة في الضاحية الجنوبية والنبطية وبنت جبيل، حيث كانت تأثيرات الحرب الأكثر شدّة».

وقد وقع الضرر الأكبر على المحال التجارية في أقضية محافظة النبطية، حيث بلغ عدد المحال المتضررة 3420 محلاً، أي 23% من مجمل المحال المتضررة في لبنان. وفي قضاء بنت جبيل تضرّر 3330 محلاً، فيما شملت الأضرار في منطقة الضاحية الجنوبية 3 آلاف محل تجاري تمثّل 20.3% من مجمل الأضرار على المحال التجارية. وفي قضاء صور تضرّر 2394 محلاً، وفي بعلبك 1277 محلاً تجارياً.

ومن بين هذه الأقضية، حلّ قضاء بعبدا، أي الضاحية الجنوبية، في المركز الأول لناحية تضرّر المؤسسات التجارية بشكل كامل، ووصلت نسبة دمار المحال التجارية بشكل كامل فيها إلى 33%، تليها بنت جبيل بنسبة 32%، ثمّ النبطية بنسبة 17%.

ولمعالجة الأزمة الناتجة من الدمار الكبير للمؤسسات التجارية، أوصت «UNDP» بـ«تقديم مساعدة مالية فورية لأصحاب المحال»، والعمل على استعادة مكان العمل أو نقله، مثل تأمين أماكن عمل مؤقتة، وتأهيل البنية التحتية المتضررة، ودعم عملية إعادة الإعمار. وأوصى التقرير بتأمين مواقع بديلة لأبنية البلدية المتضرّرة أيضاً.

إذ تضرّر 86 مبنى تابعاً لبلدية أو لاتحاد بلديات في المناطق التي شملها المسح. فعلى سبيل المثال، دمّر القصف الصهيوني 31 مبنى بلدياً في قرى قضاء النبطية، و12 في قرى قضاء صور، و10 في قرى صيدا، فضلاً عن 17 مبنى بلدياً في قضاءَي بعلبك ومرجعيون. ولمحورية المباني البلدية، ودورها في إعادة الحياة إلى المناطق المدمرة، اقترحت «UNDP» تجهيز مواقع جديدة، ودعم إعادة بناء وإعادة تأهيل المباني والإدارات البلدية المتضررة. وطلبت تأمين الدعم لـ«توفير هياكل أبنية جاهزة للموظفين الإداريين وغيرهم ممن يقوم بوظائف حيوية».

بعلبك الأكثر تضرراً زراعياً
وفقاً لتقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تضررت 14 ألفاً و762 منشأة زراعية في المناطق المستهدفة بالاعتداءات الصهيونية والمشمولة بالمسح، من أصل 30 ألفاً و685.

وتشمل المنشآت الزراعية مزارع الدواجن والماشية والأسماك، والمصانع الغذائية، والأراضي المزروعة.

وتمثل هذه الأضرار نسبة 48% من مجمل المنشآت الزراعية في المناطق التي شملها المسح. وفي توزيع الأضرار على المناطق، تمّ الإبلاغ عن أكبر عدد من الأضرار في قضاء بعلبك مع تضرّر 10 آلاف و496 منشأة.

وفي قرى قضاء بنت جبيل تضرّر 3 آلاف و51 منشأة، وفي قضاءَي النبطية وصور، وصل عدد المنشآت المتضرّرة إلى 977.

ومن بين المناطق المشمولة بالمسح، سجلت النبطية أعلى نسبة من الأصول الزراعية المدمرة تماماً بنسبة 58%، تليها صور بنسبة 52%.

وتوقع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن يكون للأضرار التي لحقت بالقطاع الزراعي بسبب الحرب، وخاصة في النبطية وبعلبك «عواقب عميقة، وطويلة الأمد نظراً إلى الدور الحيوي الذي تلعبه هذه المناطق في الزراعة وإنتاج الغذاء». كما لفت إلى التأثير البيئي للحرب، مثل تلوّث المياه، وتلف النظم البيئية، وإدارة النفايات والحطام، ومعالجة التربة واستعادة خصوبتها، فضلاً عن استعادة المزارعين لسبل عيشهم.

989 منشأة
هو عدد منشآت البنية التحتية المدمرّة جرّاء الحرب وتشمل المدارس والمستشفيات والطرقات ومحطات تكرير المياه وتحويل الكهرباء والمباني الحكومية

36 محطة كهرباء
هو عدد محطات تحويل كهرباء الفرعية المتضرّرة بالحرب و17 منها مدمّرة بشكل كامل

18 محطة إرسال
تعرضت لضربات قوية وتضررت بالعدوان منها 9 محطات دمرت بشكل كامل

إسرائيل تمدّد الهدنة من جانب واحد وتصرّ على استمرار الاحتلال: الاختبار الأوّل للعهد وحكومته

بين إصرار العدو على تمديد جديد لمهلة انسحاب قواته حتى آخر شباط الجاري، ورفض لبنان الرسمي أي خطوة في هذا الاتجاه، بدأت ترتسِم معالِم توتّر على جبهة جنوب لبنان، بينما تعمل الولايات المتحدة على مقترح يشكّل، من وجهة نظرها، حلّاً يُتيح تهدئة الميدان وعودة «السكان» على جانبي الحدود.

فيما حاول العدو أمس التلويح بأن ما لا يمكن للأميركيين أخذه، أو فرضه، بالدبلوماسية، سيؤخذ بالقوة. ويُعدّ هذا الاختبار الجدّي الأول للعهد الجديد رئاسةً وحكومة، ومدى إدراكهما للمخاطر وقدرتهما على التعامل معها، واستعدادهما للدفاع عن سيادة لبنان، إذ لا مبرّر هذه المرة للموافقة على أي تمديد، خصوصاً أن إسرائيل لم تلتزِم بما يتعلق بها من الاتفاق، بدءاً من وقف الخروقات وصولاً إلى ملف الأسرى.

وفي هذا السياق، انطوى خرق جدار الصوت على مراحل فوق بيروت والبقاع، مساء أمس، على رسائل من العدو رداً على الموقف الرسمي اللبناني الرافض لتمديد احتلال قواته بعد انتهاء المهلة الممدّدة في 18 شباط الجاري.

وأتى هذا الخرق الذي سبقه خرق مماثل في سماء الجنوب، وسط تحليق مكثّف للطيران المعادي، بعدَ حوالي ساعة من صدور بيانين عن رئيسَي الجمهورية جوزف عون ومجلس النواب نبيه بري نفيا ما ذكرته قناة «الحدث» السعودية عن «اتفاق لبنان وإسرائيل على تمديد بقاء الجيش الإسرائيلي في الجنوب إلى ما بعد عيد الفطر».

فيما تؤكّد المعلومات تكثّف الاتصالات الدولية مع بدء العد العكسي لانتهاء الهدنة الثلاثاء المقبل، على وقع استحقاقات حساسة عشية تشييع الأمينين العامين لحزب الله الشهيد السيد حسن نصرالله والشهيد السيد هاشم صفي الدين في 23 الجاري، ووسط ترقب في المنطقة لـ«سبت الجحيم» الذي لوّح به الرئيس الأميركي دونالد ترامب بما يضع اتفاق وقف إطلاق النار في غزة على المحك.

وتُشير المعلومات إلى أن «العدو الإسرائيلي لا يزال يضغط لانتزاع موافقة أميركية على البقاء في خمسة مواقع يعتبرها حساسة جنوباً لإشرافها على المستوطنات»، وهو ما يرفضه لبنان بالمطلق.

وتقول مصادر مطّلعة إن «فرنسا دخلت مجدداً على خط الوساطة، وإن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تواصل مع الرئيس عون، وأبلغ إسرائيل بالموقف اللبناني الرافض لأي تمديد وأي بقاء للاحتلال»، بينما أشارت مصادر مطّلعة إلى أن «المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس التي ستعود إلى بيروت الأسبوع المقبل ستُشهر ورقة المواقع الخمسة في وجه المسؤولين اللبنانيين».

وفي السياق، كشفت قناة «كان» العبرية عن «بدء الجيش الإسرائيلي بإنشاء خمسة مواقع داخل الأراضي اللبنانية بعد حصول إسرائيل على إذن أميركي لإبقاء قوات عسكرية في هذه المواقع بعد انتهاء الفترة التجريبية لاتفاق وقف إطلاق النار الثلاثاء المقبل». وأشارت إلى أن «إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة أخيراً تمديد فترة الاختبار لمدة أسبوع ونصف أسبوع آخريْن وهو ما قوبل بالرفض»، و«في أعقاب ذلك، طرحت إسرائيل مطلباً بديلاً قبله الأميركيون وهو إبقاء قوات الجيش الإسرائيلي في خمس نقاط مراقبة تسمح برصد ما يحدث على الأرض».

وصرّح قائد القيادة الشمالية اللواء أوري جوردين بأنه «تمت إزالة التهديد الكبير الذي كان يمثّله حزب الله لسكان شمال إسرائيل، وتهديد قوة الرضوان والتهديد بإطلاق صواريخ على العمق الإسرائيلي»، لكن «ذلك لا يعني أنه لم يعد هناك عدو أو لم يعد هناك حزب الله».

منحت واشنطن العدو موافقتها على إبقاء قوات الاحتلال في خمس نقاط مراقبة بعد الانسحاب

وأضاف: «الواقع الأمني اليوم في الشمال آمن، والتحدي الكبير الذي يواجهنا هو الحفاظ عليه». فيما ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن «النظام التعليمي يستعدّ لبدء الدراسة في الشمال مطلع آذار المقبل، لكن سيكون لكل عائلة خيار العودة أو الاستمرار في العيش في أماكن الإخلاء والسماح لأبنائها بإكمال العام الدراسي في المؤسسات التعليمية حيث كانت خلال فترة الإخلاء».

إلى ذلك، أدّت زيارة رئيس لجنة الإشراف على تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار الجنرال الأميركي غاسبر جيفرز إلى فلسطين المحتلة، إلى تأجيل اجتماع اللجنة في رأس الناقورة من اليوم إلى الغد. وربطت مصادر متابعة التأجيل بـ «حاجة جيفرز إلى مزيد من الوقت للتوصّل الى إخراج لمشهد 18 شباط مع الإسرائيليين قبل طرحه على ممثلي الجيش اللبناني في الاجتماع». وبعد تداول معلومات عن وجود أورتاغوس حالياً في فلسطين المحتلة، لم تحسم المصادر مشاركتها في الاجتماع، بعد الأجواء السلبية التي رافقت زيارتها الأخيرة إلى لبنان بسبب تصريحاتها المنحازة إلى إسرائيل من قصر بعبدا.

وكانت أورتاغوس وغاسبر قد أبلغا المسؤولين اللبنانيين بقرار إسرائيل تمديد بقائها في الجنوب إلى 28 شباط المقبل، قبل يوم واحد من موعد عودة مستوطني الشمال. لكنّ المصادر قاطعت ما ورد عن مسؤولين إسرائيليين أمس بأن قوات الاحتلال «تخطط للبقاء إلى نيسان وربما أكثر. وفي حال انسحبت، ستفرض ترتيبات أمنية خاصة على خمس نقاط على الأقل». وكانت «الأخبار» أشارت إلى أن غاسبر نفسه أبلغ في مطلع كانون الثاني الماضي، قيادة الجيش اللبناني بأن «إسرائيل ستمدد بقاءها حتى نيسان المقبل إلى حين إنهاء قدرات حزب الله».

الرفض اللبناني كان له وقعه لدى الدول المعنية برعاية اتفاق وقف إطلاق النار، ولا سيما فرنسا. وعلمت «الأخبار» أن ماكرون أبدى استعداده لوضع جنود بلاده بالتصرف لإنهاء التوتر وضمان الاستقرار على الحدود الجنوبية بالتزامن مع مشاركتها الفعّالة في قوات اليونيفل»، فيما تحدّثت مصادر مطّلعة عن سيناريوهين محتملين: الأول أن تضغط الولايات المتحدة للانسحاب الشامل من الأراضي المحتلة، على أن تنتشر في النقاط الخمس قوات دولية يرجّح أن تكون من الجيش الفرنسي ضمن ترتيبات أمنية يتم التوافق عليها مع الحكومة اللبنانية وقوات اليونيفل، والثاني، بقاء قوات الاحتلال مع حرية الحركة جواً وبراً، للأشهر المقبلة، ربطاً باستحقاقات محلية ضاغطة على حزب الله من مراسم تشييع نصرالله وصفي الدين إلى الانتخابات البلدية والنيابية التي تسعى من خلالها إسرائيل وأميركا إلى إحداث شرخ بين الحزب وبيئته الحاضنة، إضافة إلى تعطيل ورقة صرف التعويضات للمتضررين من العدوان وتعليق عملية إعادة الإعمار.

الصحة في البيانات الوزارية… جعجعة بلا طحين

منذ نحو ربع قرن، تزخر البيانات الوزارية للحكومات بالعناوين والأهداف الثورية في ما يتعلق بالقطاع الصحي، غير أن ذلك لا يعدو كونه تفكيراً بصوت عالٍ، ويبقى حبراً على ورق، من دون أن ينعكس على أرض الواقع، كما خلصت دراسة لمركز ترشيد السياسات في الجامعة الأميركية في بيروت

طوال 22 عاماً، لم تنتج 13 حكومة سوى ثلاثة قوانين تطابقت في أهدافها مع ما نصّت عليه بياناتها الوزارية، ولكن من دون أن تجد طريقها إلى التنفيذ. الوكالة الوطنية للدواء ونظام التقاعد والحماية الاجتماعية (قانون ضمان الشيخوخة الذي أقر بعد عشرين عاماً من العمل عليه) وسلامة الغذاء هي القوانين «الثورية» الثلاثة التي توقّف مسارها عند صدورها في الجريدة الرسمية، بعدما تعطّلت معظم مراسيمها التنفيذية لأسباب تتعلّق بجانبين أساسيين: أولهما الأهداف الطموحة التي لا تتناسب مع الواقع ولا مع النهج المتبع في الموازنات التي يذهب جلّها إلى الإنفاق على الاستشفاء الخاص، وثانيهما العقدة المتعلقة بالمحاصصة والطائفية التي تقف حائلاً دون التطبيق. سببان يقودان إلى خلاصة واضحة تظهر أن «معظم ما تتضمنه البيانات الوزارية يبقى كلاماً، ومعظم القوانين التي تقرّ نقرّها فقط لأننا نريد ذلك من دون أن تكون قابلة للتطبيق، بسبب بنودها الفضفاضة التي يصعب على الحكومات ترجمتها لشيء»، وفقاً للدكتور فادي الجردلي، رئيس مركز ترشيد السياسات في الجامعة الأميركية في بيروت، وأحد معدّي دراسة أصدرها المركز حلّلت البيانات الوزارية للحكومات المتعاقبة والأهداف الواردة في السياسات الصحية العامة والموازنات بين عامَي 2000 و2022.

بين النص والواقع

طوال هذه المدة، بدا الانفصام واضحاً بين البيانات المكتوبة وواقع القطاع، ولم تنعكس الأهداف الصحية في الموازنات المرصودة لوزارة الصحة، باستثناء بند واحد فقط خصّصت له اعتمادات ضمن موازنة وزارة الصحة، وهو بند الرعاية الوقائية الذي بُدئ تنفيذه الأخيرة منذ عام 2014، ويشمل «الكشف المبكر عن الأمراض والتطعيم وقطاع مراكز الرعاية الصحية الأولية». مع ذلك، لا يمكن المقارنة بين المبلغ المرصود للرعاية الأولية والوقائية والذي لا يتجاوز 10% من الموازنة، وما تدفعه الوزارة على الاستشفاء في القطاع الخاص والذي فاق عام 2022 الـ74.9%، على عكس ما يجري في معظم دول العالم، حيث تتخطى المبالغ المرصودة للرعاية الوقائية بين 30% و40% من الموازنة.

بعد ربع قرن لم نحصل على صحة أفضل ولا خفّفنا نسبة الدخول إلى المستشفيات وتراجعت جودة الخدمات ونوعيتها

ورغم أهمية البيانات الوزارية كونها تشكّل خريطة عمل للمدة التي تحكم فيها الحكومة، وتتضمن الأهداف الأساسية التي ستعمل على تحقيقها في مختلف القطاعات، على أن تترجم في الموازنات العامة العائدة لكل إدارة معنية، إلا أن أقل ما يمكن أن يُقال عن بيانات الحكومات اللبنانية المتعاقبة أنها بلا جدوى طالما أنها لا ترتبط بالموازنات.

ويشير تحليل أرقام موازنة وزارة الصحة إلى أن معظم الإنفاق يذهب إلى الاستشفاء الخاص، رغم أن الهدف الذي يتكرر في معظم البيانات الوزارية هو الاستثمار في القطاع الاستشفائي الحكومي وتعزيز فرص نهوضه.

لا بل أكثر من ذلك، جرى رفع اعتمادات الاستشفاء في القطاع الخاص بمعدل الضعفين تقريباً خلال عشرين عاماً، من 205 مليارات ليرة عام 2000 إلى 475 مليار ليرة عام 2020، في مقابل صرف 36% فقط على الاستشفاء في القطاع الحكومي في عزّ رفاهية هذا الصرف.

وبقيت الدولة مرهونة للقطاع الخاص بسبب تراكم الديون في ذمتها له، والأسوأ من كل هذا أنه لم يتمّ تخفيض تلك الديون منذ بدايتها عام 2000 وحتى الآن بسبب عدم لحظ اعتمادات لوزارة الصحة لسدادها!

والأزمة هنا ليست فقط في هدر الأموال، وإنما تكمن في «أننا لم نحصل على صحة أفضل ولا خففنا نسبة الدخول إلى المستشفيات»، يتابع الجردلي، مشيراً من جهة أخرى إلى تراجع في جودة ونوعية الخدمات رغم «الغرف» من الموازنات. وهنا بيت القصيد: إغفال شق الرعاية الوقائية التي حظيت في آخر موازنة لوزارة الصحة بنسبة 16%، رغم التهليل الذي رافق الموازنة باعتبارها، رابع أكبر الموازنات العام الماضي.

وتجنح الحكومات المتعاقبة في بياناتها الوزارية نحو عناوين فضفاضة، ويبدو ذلك جلياً في الأهداف والعناوين والوعود والمواضيع المكررة في البيانات، إلى درجة أنه «جرت إعادة هذه البرامج وهذه الأهداف في البرامج الانتخابية التي وضعتها الكتل والأحزاب المختلفة التي شاركت في الانتخابات النيابية الأخيرة عام 2022، كالتغطية الصحية الشاملة وإصلاح الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي…».

ومنذ عام 2014، يجري نقل تلك العناوين بطريقة «القص واللصق»، وهناك عناوين تكررت 13 مرة، بعدد البيانات الوزارية، مثل «تعزيز قطاع الاستشفاء العام» و«إصلاح الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي» و«خفض تكلفة الاستشفاء على المواطنين» و«إنشاء شبكات الحماية الاجتماعية». والأمر نفسه ينطبق على السياسات الصحية التي تصدر على شكل قوانين وقرارات تتخذ في مجلس الوزراء وقرارات وزارية وتعاميم صادرة عن الوزارة، والتي تصرف عليها آلاف الدولارات، ولا يتحقق الغالب الأعم منها.

وهذا يعني أنه «لا ينبغي أن نفرح بزيادة موازنة وزارة الصحة لأن ذلك لا يعني بالضرورة أنها حسبة جيدة»، يقول الجردلي، طالما أن «الخطأ الإستراتيجي» يتكرر من بيان إلى آخر ومن حكومة إلى أخرى، وإلا ما معنى أن تكون موازنة وزارة الصحة رابع أكبر موازنة، فيما الوقاية الصحية غير متوافرة؟
وإلى ذلك، ثمة ما هو أسوأ، ويتمثل بالضبابية في صرف الأموال. إذ بيّنت الدراسة «غياب الشفافية في صرف الأموال، خصوصاً خلال الأزمة المالية الأخيرة وأزمة كوفيد ــــ 19، ولم تتبيّن قيمة المبالغ التي أنفقتها وزارة الصحة لتحقيق الأهداف المتعلقة بالاستجابة لهاتين الأزمتين».

قوانين لا تُطبق وإنفاق مفتوح على الاستشفاء الخاص
قسّم معدّو الدراسة فترة الـ22 عاماً، بين عامَي 2000 و2022، إلى مرحلتين أساسيتين: الأولى حملت شعار تعزيز الرعاية الوقائية والمستشفيات العامة وتحسين جودة الخدمات، ورافقت 6 حكومات من 2000 إلى 2009، والثانية بعنوان إصلاح القطاع الصحي وتعزيز مراكز الرعاية الأولية والمستشفيات الحكومية، ورافقت 7 حكومات من 2009 إلى 2022. وقد جرى الاعتماد في التحليل على ثلاثة مستويات، انطلق فيها معدو الدراسة من التحليل الموضوعي للبيانات إلى الربط بين السياسات والأهداف الصحية، وأخيراً إلى ربط الموازنات بالبيانات الوزارية.

2000 – 2009: أهداف فضفاضة

قسّمت هذه المرحلة إلى فترتين، الأولى بين عامَي 2000 و2005، وجرى خلالها التركيز على 3 أهداف أساسية ستكون بمثابة لازمة ستتكرر في كل البيانات اللاحقة، وهي «تنظيم وتفعيل قطاع الاستشفاء العام وتحسين تغطية الرعاية الصحية للوصول إلى جميع المواطنين عبر إصلاح الصناديق المختلفة، وتخفيض كلفة العلاج في المستشفيات». وشهدت هذه الفترة صدور قانونين و11 مرسوماً و5 قرارات وزارية و7 تعميمات. ورغم أن 23 من أصل 25 إصداراً تطابقت مع الأهداف الموضوعة، إلا أنه تعذر تطبيق معظمها لأنها «كانت غير محددة وغير قابلة للقياس». أضف إلى ذلك أن باب الإنفاق بقي مفتوحاً على الاستشفاء الخاص، وبلغ في هذه المدة 74.7%.

أما في الفترة الثانية (2005 – 2009)، ورغم احتلال موضوع الصحة العامة فقرة أطول في البيانات الوزارية، إلا أن معظم ما ذكر من عناوين كان تكراراً لأهدافٍ ملحوظة في البيانات السابقة، كتحسين جودة الخدمات وتعزيز الرعاية الوقائية وإصدار بطاقات الأدوية والاستشفاء (إطلاق البطاقة الصحية للأمراض المزمنة مثالاً) واستكمال ورشة الإصلاح في صندوق الضمان… وفي هذه المدة، صدر فقط قانون واحد لم يتطابق مع الأهداف الموضوعة في البيانات الوزارية ومرسوم واحد و3 قرارات وزارية تحت عنوان تحسين جودة الرعاية (القرار 571 الذي نص على شروط تسجيل الأدوية والخدمات الصحية (…) والقراران 301 و306 المتعلقان بخفض تكلفة الرعاية عبر خفض تكلفة الأدوية الصيدلانية). ورعم نجاح الوزارة في حينها في خفض السعر العام لـ360 دواء بين عامَي 2001 و2006 وتوفير حوالى 10 ملايين دولار، إلا أن ذلك لم ينعكس انخفاضاً في رسوم العلاج في المستشفيات، بل على العكس ارتفعت نسبتها من 67% عام 2005 إلى 69.4% عام 2009.

2009 – 2022: لا أهداف جديدة

قسّمت الدراسة هذه المدة إلى 5 مراحل، يمكن اختصارها باثنتين:

الأولى بين عامَي 2009 و2014 جرى التركيز فيها على توفير اعتمادات لدفع ديون المستشفيات المتراكمة من عام 2000 وحتى عام 2004 مع استعادة جزء كبير من الأهداف السابقة، ولكن من دون أن تُلحظ له اعتمادات في الموازنة، مع عناوين فضفاضة وبلا وجهة محددة، كـ«الالتزام بخطة الإصلاح الصحي والبطاقة الصحية والتغطية الصحية لغير المؤمّنين ومؤازرة المستشفيات الحكومية».

أما المرحلة الثانية (2014 – 2020) فكانت بلا أهداف جديدة، وما صدر من قوانين وتعاميم كان استجابة لأهداف صحية سابقة، منها ما يتعلق بسلامة الغذاء (قرار وزاري لمعالجة مياه الشرب وتكريرها) وزيادة التغطية الصحية لمن تجاوزوا الـ64 من العمر (التعميم 109 مثالاً)… فيما الجديد الوحيد فيها هو تعزيز صناعة الأدوية والعقاقير التي لم تنجح بعد هذه السنوات في خفض الفاتورة الدوائية ولا في تعزيز سوق الدواء كما كان مؤمّلاً، بقدر ما فتحت الباب على مصراعيه على الترخيص لمصانع محلية بالعشرات.
وفي خاتمة المراحل، كانت مرحلة الأزمة التي انطلقت منذ عام 2020 وحتى اليوم، وهي المرحلة التي اختصرت فيها البيانات الوزارية بمعالجة تبعات أزمة سعر الصرف وأزمة كورونا.

تعرفات ترامب لا ترحم الحلفاء: “حربٌ” على جانبَي الأطلسي

لندن | لا يزال الأوروبيون يأملون في التوصّل إلى صفقة تجنّبهم حرباً تجارية مع حليفهم الأميركي، خصوصاً في ظلّ تحذيرات أطلقها خبراء من أن حرب التعرفات الجمركية، في حال اندلعت على جانبَي الأطلسي، ستكون عواقبها وخيمة على الجميع. وفيما فرضت الولايات المتحدة تعرفات بنسبة 25% على جميع واردات الصلب والألمينيوم إلى السوق الأميركية، من كل أنحاء العالم، بما في ذلك أوروبا، تدخل حيز التنفيذ في الـ12 من آذار المقبل، قالت مصادر بروكسل إن دول الاتحاد عازمة على اتّخاذ “إجراءات مضادة حازمة ومتناسبة”، إذا فشلت المحادثات في تجاوز الأزمة. وبحسب المصادر، فإن الدول الأعضاء في التكتُّل وافقت بالفعل على فرض رسوم تصل إلى 50% على ما قيمته 4.8 مليارات يورو من الواردات الأميركية، يمكن أن تدخل حيّز التنفيذ نهاية الشهر المقبل، ما لم تصوّت على تسريع فرضها وفق تطوّر الأحداث. وفُهم أنه في جعبة الأوروبيين إجراءات أخرى للردّ على أيّ تصعيد أميركي محتمل.

وتشمل المنتجات الأميركية التي قد تُستهدف في مرحلة أولى: ويسكي البوربون، ودراجات نارية من طراز “هارلي ديفيدسون”، وزوارق بخارية، وبعض منتجات الصلب والألمينيوم؛ علماً أن الويسكي تحديداً شكّل موضوعاً لنزاع سابق بين الجانبَين في فترة ولاية ترامب الأولى، لكن الخلافات جُمّدت في عهد الرئيس السابق جو بايدن. وكان المستشار الألماني، أولاف شولتس، واضحاً، حين أعلن أنه “لا يسعنا إلا أن نقول، وبحذرٍ شديد، ولكن بوضوح كبير: يجب على أيّ جهة تفرض علينا تعرفات جمركية أن تتوقّع تعرفات مضادة”. أيضاً، نقلت صحف باريس عن وزير الصناعة الفرنسي، مارك فيراتشي، قوله إنه “يجب على أوروبا أن تستجيب بطريقة حازمة وموحّدة للتعرفات الجمركية الأخيرة التي فرضها ترامب”، وهو ما عزّزته رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لايين، عشية توجُّهها إلى باريس للقاء نائب الرئيس الأميركي، جي دي فانس، على هامش قمّة الذكاء الاصطناعي، عندما قالت: “سيعمل الاتحاد الأوروبي على حماية مصالحه الاقتصادية.

سنحمي عمّالنا وشركاتنا ومستهلكينا”. ويبدو أن لقاء باريس لم يسفر عن نتائج محدّدة، إذ اكتفت دير لايين بشكر نائب الرئيس على المناقشات الجيّدة حول “التحديات المشتركة”، مؤكدةً أنها تتطلّع إلى استمرار التعاون بين الجانبَين، فيما تحدّث فانس عن اهتمام ترامب بالعلاقات مع أوروبا، مضيفاً أنّ “ثمّة علاقة اقتصادية مع القارة يمكن البناء عليها”، وأن الإدارة الأميركية “تريد ضمان انخراطنا بالفعل في شراكة أمنية جيّدة لكل من أوروبا والولايات المتحدة”، في إشارة منه إلى ملف آخر تعمل عليه إدارة ترامب، يتعلّق بزيادة إنفاق الدول الأعضاء في “الناتو” على شراء الأسلحة والمعدات وأنظمة الدفاع الأميركية بأكثر من ضعف المستويات الحالية.

وسبق أن دعت بروكسل وزراء التجارة في الدول الـ26 الأعضاء، إلى اجتماع في المقرّ الرئيسي للمفوضية في العاصمة البلجيكية، أمس، لمزيد من المشاورات. وقال المفوض التجاري للاتحاد، ماروش شيفتشوفيتش، للبرلمان الأوروبي قبل الاجتماع، إن التكتُّل لا يزال يدفع في اتّجاه إجراء محادثات مع الأميركيين، وعقد صفقة لتجنُّب حرب تجارية مفتوحة. وأضاف أمام النواب: “ما زلنا ملتزمين بالحوار البنّاء. ونحن على استعداد للمفاوضات، والبحث عن حلول مفيدة للطرفين حيثما أمكن ذلك”. وتابع: “لا نرى أيّ مبرّر لفرض تعرفات جمركية على صادراتنا، وهو ما يؤدي إلى نتائج عكسية اقتصادياً، خاصة بالنظر إلى سلاسل الإنتاج المتشابكة بعمق. إن التعرفات الجمركية هي ضرائب، والضرائب سيئة للأعمال، وأسوأ للمستهلكين”.

الصدام الأميركي – الأوروبي أمر لا مفرّ منه

لكن خبراء اقتصاد في بنوك أوروبية كبرى حذّروا من أن “الصدام الأميركي – الأوروبي أمر لا مفرّ منه”، وأن إدارة ترامب لن تتردّد في فرض مزيد من التعرفات الجمركية، التي لم يكن الصلب والألمينيوم سوى باكورتها، في ما يتعلّق بالاقتصادات الأوروبية، وأن الأمور “ستصبح أسوأ” خلال الأسابيع القليلة المقبلة. وكان الرئيس الأميركي أعلن أن مزيداً من التعرفات الجمركية على الاتحاد الأوروبي قيد الدراسة، مؤكداً أنه سيفرض قريباً تعرفات متبادلة على جميع الدول (اعتباراً من يوم أمس)، وبما يتوافق مع التعرفات التي تفرضها تلك الدول على المنتجات الأميركية. وهو كرّر، في عدة مناسبات، انتقاده للعجز التجاري في علاقة بلاده مع الأوروبيين الذين “لا يأخذون سياراتنا، ولا يأخذون منتجاتنا الزراعية. إنهم لا يأخذون منّا شيئاً تقريباً، ونحن نأخذ منهم كل شيء”.

وبعدما تقلّصت صناعات الصلب الثقيلة في القارة القديمة تدريجياً، ووصلت إلى أدنى مستوياتها هذا القرن في عام 2023 – حوالى 3.7 ملايين طن سنوياً -، فإن من شأن التعرفات الأميركية أن تضرّ بها بشدّة، وذلك بعدما حذّر كبار المنتجين من أن السوق الأوروبية ستتعرّض للإغراق من خلال سعي المنتجين العالميين إلى تعويض تراجع صادراتهم إلى الولايات المتحدة بسبب تعرفات ترامب، وطالبوا بروكسل بتوفير الحماية لهم.

وفي هذه الأثناء، امتنعت المملكة المتحدة – التي لم تَعُد عضواً في الاتحاد الأوروبي – عن الردّ على التعرفات الجمركية الأميركية الأحدث على الصلب والألمينيوم، على رغم أن هذه الأخيرة قد تصيب صناعة الصلب البريطانية في مقتل، إذ يحاول رئيس الوزراء، السير كير ستارمر، تجنُّب التورّط في حرب تجارية محتملة على جانبَي الأطلسي، ويريد استغلال المرحلة لصالح بناء ميزة تفوق استراتيجية على الأوروبيين تسمح لبريطانيا بمزيد من التشبيك مع الاقتصاد الأميركي، وبخاصة في مجالات التكنولوجيا، والخدمات المهنية، والمصرفية. وقال سفير المملكة المتحدة الجديد في واشنطن، اللورد بيتر ماندلسون، إن بلاده يجب أن تغتنم “أيّ فرصة تنشأ نتيجة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي”، وأن تكسب لقمة العيش في العالم من خلال كونها “ليست أوروبا”.

ولا تفرض المملكة حالياً تعرفات مؤثّرة على البضائع الأميركية، فيما يميل الميزان التجاري في العلاقة مع الولايات المتحدة إلى مصلحة الأخيرة بشكل حاسم. لكن خبراء قالوا إن بريطانيا معرّضة لضربة قد تصل قيمتها إلى 30 مليار دولار أميركي تقريباً، إذا امتدّ تطبيق التعرفات المتبادلة على التجارة البينية مع أميركا، ليشمل ضريبة القيمة المضافة الباهظة التي تفرضها المملكة على أسعار بيع السلع المستوردة – من الولايات المتحدة وغيرها – في السوق المحلية، وتصل إلى 21%. ومن شأن إجراء كهذا أن يخفّض بما يقرب من نصف النقطة المئوية من نمو الناتج المحلي الإجمالي للمملكة المتحدة للعامين المقبلين، وذلك وفق تقديرات نشرها “دويتشه بنك”، في وقت يعاني فيه الاقتصاد البريطاني من تحدّيات جمّة.

وعلى الرغم من الأجواء المشحونة والترقُّب في العواصم الأوروبية، فإن أسواق الأسهم عبر القارة حافظت بشكل عام على تماسكها مع تراجع طفيف لأسهم شركات الفولاذ والألمينيوم. وعزا مراقبون ذلك، إلى أن الأسواق تنتظر اتّضاح صيغة تطبيق التعرفات المتبادلة، وردّ فعل الاتحاد الأوروبي عليها قبل الشروع في اتّخاذ مواقف استثمارية، فيما يراهن آخرون على نجاح المداولات في الكواليس لعقد صفقة – كما حصل في حالة التعرفات التي فُرضت على كندا والمكسيك وأُجّلت لشهر -، قد يكون الأسبوع المقبل مصيرياً بخصوصها.

أول اتصال بين بوتين وترامب: الحلّ «الأوكراني» لا يزال بعيداً

في أول اتصال هاتفي بينهما منذ بدء الحرب في أوكرانيا، أبلغ الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، نظيره الأميركي، دونالد ترامب، صباح أمس، باستعداد بلاده لاستقبال مسؤولين أميركيين في روسيا لبحث الحرب في أوكرانيا. وطبقاً لما أعلنه الكرملين، فقد اتفق الطرفان، في محادثتهما التي استمرت ساعة ونصف ساعة، على تنظيم لقاء شخصي، فيما أكد ترامب، من جهته، أنه ناقش مع بوتين جملة من القضايا، على رأسها أوكرانيا والشرق الأوسط والطاقة والذكاء الاصطناعي والدولار، مشيراً إلى أنه اتفق معه على ضرورة وقف «دائرة القتل» المستمرة. كما قال ترامب إن الطرفين اتفقا على بدء عمل «فرق التفاوض الخاصة بأوكرانيا»، وإنه طلب من وزير الخارجية ومدير الاستخبارات ومستشار الأمن القومي، قيادة المفاوضات التي «يشعر أنها ستنجح»، علماً أن بوتين شدد خلال الاتصال، مرة جديدة، على «ضرورة القضاء على الأسباب الجذرية للصراع في أوكرانيا».

وقبيل الاتصال، كان وابل من الصواريخ الروسية قد أمطر العاصمة الأوكرانية، كييف، أمس، تزامناً مع استعداد وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت، لزيارة المدينة ولقاء الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، كجزء من جهود إنهاء الحرب الروسية – الأوكرانية. وقال رئيس بلدية كييف، فيتالي كليتشكو، إن دويّ انفجارات سمع في كييف، توازياً مع اشتغال الدفاعات الجوية، فيما سُجّل اندلاع حرائق في أربع مناطق. وحصل ذلك أثناء شنّ روسيا عدة هجمات ضخمة بطائرات مسيّرة استهدفت البنية التحتية للطاقة الأوكرانية، ما تسبّب في انقطاع التيار الكهربائي عن بعض المناطق. وتأتي هذه التطورات عقب إعلان الرئيس الجمهوري، دونالد ترامب، أنّه يريد اتفاقاً يضمن وصول بلاده إلى الموارد المعدنية، مقابل مساعدة أوكرانيا في «الدفاع عن نفسها ضدّ الغزو الروسي»، وسط «ترحيب» أوكراني بالمقترح، الذي تمّت مناقشته خلال زيارة أول مسؤول في حكومة ترامب لأوكرانيا. في السياق، أكد زيلينسكي أنه أجرى «محادثات مثمرة» مع وزير الخزانة الأميركي، وتسلم منه «مسودة أولية لاتفاقية محتملة بشأن الموارد الطبيعية».

ونظراً إلى تدهور العلاقات، أخيراً، بين موسكو وواشنطن، يبدو أنّ الهجوم الأخير كان بمثابة رسالة واضحة من روسيا إلى كل من ترامب وزيلينسكي، في وقت تنذر فيه التطورات الأخيرة بأنّ حظوظ الرئيس الأميركي في إنهاء الحرب سريعاً، وفق ما كان قد تعهّد به، تستمر في التراجع؛ إذ إنه على الرغم من أنّ الكرملين أكد، الأسبوع الماضي، أنّه أجرى اتصالات مع الإدارة الجمهورية، في ما يتعلق بإجراء محادثات سلام لإنهاء الحرب، وأنّ تلك الاتصالات تكثّفت أخيراً، عبر قنوات «محددة»، فقد عاد الكرملين ليؤكد، الإثنين، أنّ العلاقات الأميركية – الروسية على وشك الانهيار.

وفي السياق نفسه، قال نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، في مؤتمر صحافي الإثنين، إن العلاقات مع واشنطن «تتأرجح على حافة الانفصال»، مضيفاً أنّ «الحرب في أوكرانيا ستستمر حتى تتخلى كييف عن طموحاتها في الانضمام إلى (الناتو)، وتنسحب من المناطق الأربع التي تحتلها القوات الروسية». وفي إشارة إلى أن موسكو متمسكة بموقفها التفاوضي، شدد ريابكوف على «أننا ببساطة بحاجة ماسّة إلى أن تفهم الإدارة الأميركية الجديدة وتعترف بأنه من دون حل للمشاكل التي تشكل الأسباب الجذرية للأزمة في أوكرانيا، لن يكون من الممكن التوصل إلى اتفاق».

في المقابل، يبدو أنّ زيلينسكي بدأ يبتدع حلوله الخاصة لإنهاء الحرب مع روسيا، بعدما أكد في حديث إلى صحيفة «الغارديان» البريطانية أنّه يخطط لطرح «تبادل مباشر للأراضي»، كوسيلة لإنهاء الحرب، في حال تمكن ترامب من جلب الطرفين إلى طاولة المفاوضات. وأردف زيلينسكي أنّ كييف «ستتخلى عن جزء من منطقة كورسك الروسية التي توغلت فيها بشكل مفاجئ في شهر آب»، رافضاً تحديد المناطق التي ستطالب كييف، موسكو، بالانسحاب منها مقابل ذلك، معتبراً أنّ «جميع أراضينا مهمة، ولا توجد أولوية لمنطقة على أخرى». وسرعان ما ردّ الكرملين على مقترح زيلينسكي بالتأكيد أنّ «روسيا لم ولن تناقش مسألة تبادل أراضيها»، مشيراً إلى أنّ مثل هذا الأمر «مستحيل». وفي منشور عبر حسابها على «تيلغرام»، قالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، بدورها، إنه «في منطقة كورسك، يسيطر النازيون الجدد على مساحة حوالي مترين وعمق متر ونصف»، معتبرةً أنّ «زيلينسكي يدلي بتصريحات مماثلة من أجل إخفاء الحجم الحقيقي للكارثة التي تشهدها القوات المسلحة» لبلاده في تلك المنطقة.

واللافت أنّ الهجمات الجوية الروسية الأخيرة على أوكرانيا تأتي قبيل مغادرة المسؤولين الأميركيين إلى أوروبا، هذا الأسبوع، لمناقشة الخطط المحتملة لإنهاء الحرب، مع زيلينسكي والوفد الأوكراني، في إطار ما يعرف بـ»مؤتمر ميونخ للأمن». وسيضم الوفد الأميركي نائب الرئيس جي دي فانس، ووزير الخارجية ماركو روبيو، وكيث كيلوغ، المبعوث الخاص لترامب إلى أوكرانيا وروسيا. وفي السياق، رأت صحيفة «بوليتيكو» أنّه فيما يعتقد البعض «أننا أصبحنا على طريق مفاوضات بشأن وقف محتمل لإطلاق النار، أو حتى تسوية سلمية في أوكرانيا، يمكن اختتامها في غضون أسابيع»، فإنّ العديد من المراقبين يشككون في ذلك. ويرجع هذا، طبقاً للمصدر نفسه، إلى أن التوصل إلى ضمانات أمنية لأوكرانيا وتثبيت وقف إطلاق النار على طول خط المواجهة الحالي أصبح غير كاف حالياً، وأنّ الغرب بحاجة إلى الاستعداد لـ»عملية أطول بكثير ومعقّدة بشكل غير عادي، ستستغرق عدة أشهر».

إذ تحتاج الحلول المحتملة، والتي يقترحها الغرب في ما يتعلق بحفظ أمن أوكرانيا، إلى مناقشات جدية، نظراً إلى أنّ التقديرات حول عدد القوات المطلوبة لتأمين «خط وقف لإطلاق النار» بطول ألف كيلومتر بشكل فعال تتراوح ما بين 50 و200 ألف، وهو الرقم الذي حدده زيلينسكي بنفسه، فيما تبدو أوروبا غير قادرة، سياسياً أو عسكرياً، على إدارة مثل تلك الخطة. من جانبها، لا تفكر واشنطن حتى في وضع «أحذية جنودها على الأرض»، وهو موقف يكسر مبدأ «الناتو» القائم على ضرورة «تقاسم المخاطر»، ويجعل من الصعب على الحكومات الأووبية الحصول على موافقة برلماناتها في ما يتعلق بإرسال مثل هذه القوات إلى أوكرانيا.

من جهته، لا يرغب بوتين في إعطاء انطباع بأنّه «يرقص على أنغام واشنطن»، وهو ما يعني أنّ مناقشة «الوضع الأمني» لأوروبا والعقوبات والاستقرار الاستراتيجي وغيرها من القضايا، ستكون أمراً لا مفرّ منه. وطبقاً لأصحاب الرأي المتقدّم، سيتعامل بوتين بـ»ندّيّة» مع ترامب، إدراكاً من الأول بأنّ الأخير يريد «تجنب الصراع العسكري مع روسيا بأيّ ثمن»، وأنه «سيختفي إلى الأبد بحلول عام 2029»، ما يشجع الرئيس الروسي على استكمال حربه.

اللواء:

جريدة اللواءضغط إسرائيلي جوّي لفرض تمديد مهلة الإنسحاب حتى 28 شباط

رؤساء الحكومات في بعبدا والحريري لكلمة شاملة غداً.. ومراجعة البيان الوزاري اليوم

في أول خرق من نوعه منذ دخول وقف النار بين لبنان واسرائيل قبل شهرين ونيّف، خرقت دولة الاحتلال جدار الصوت على علو منخفض فوق بيروت والضاحية الجنوبية، في رسالة ذات ابعاد متعددة، بعضها للضغط على لبنان لعدم رفض الخطة الاسرائيلية لتمديد وقف النار بعد 18 شباط، لجهة البقاء في نقاط محددة في الجنوب (المواقع والتلال الخمس)، وبعضها يتضمن تهديداً وضغطاً على حزب الله في ما يخص الاستعدادات الجارية لتشييع الامينين العامين السابقين للحزب السيد حسن نصر الله، والسيد هاشم صفي الدين في 23 الجاري، اي قبل اقل من عشرة ايام من الموعد المقرر.

وكشفت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن رئيس الجمهورية ظل على اتصال دائم مع الأميركيين والفرنسيين من أجل موضوع الانسحاب الاسرائيلي، وقالت إن الموقف ثابت في ما خص إصرار لبنان على الانسحاب الكامل للعدو الإسرائيلي ضمن المهلة المحددة في الثامن عشر من شباط الجاري وعدم قيام أي تأخير، ولفتت الى ان ما من احد عرض تمديد المهلة.

وأوضحت المصادر أن موقف رئيس الجمهورية واضح بشأن الانسحاب ضمن المهلة المحددة، وقالت انه أبلغ ذلك إلى زواره ولاسيما لوزير خارجية البرتغال الذي زاره امس.

وعُلم أن رئيس الجمهورية ظل على تواصل مع قائد الجيش بالإنابة اللواء الركن حسان عودة لمتابعة التفاصيل.

كما افيد أن الجيش اللبناني ينتشر ويتمركز في المواقع التي يتم الانسحاب منها.

وكانت اسرائيل اكدت بقاءها في لبنان الى نهاية الشهر الجاري، ونفى مكتب الاعلام في الرئاسة الاولى ما بثته احدى الفضائيات عن اتفاق بين لبنان واسرائيل على تمديد وقف النار لما بعد عيد الفطر.. مشيراً الى ان الرئيس عون اكد اصرار لبنان على الانسحاب الكامل للعدو الاسرائيلي ضمن المهلة المحددة في 18 شباط.

وصدر في الاطار عن الرئيس نبيه بري الى ان ما نسب عن مصادر حول اتفاق بين الرئيس بري وحزب الله على تمديد وقف النار مرة ثانية هو محض اختلاق ومزيف تماماً.

ويترأس رئيس لجنة مراقبة اتفاق وقف النار وتطبيق القرار 1701 الجنرال جاسبر جيفيرز اجتماعاً للجنة في الساعات المقبلة، في ضوء المحادثات التي اجراها في اسرائيل، والمتعلقة بالانسحاب الكامل من جنوب لبنان.

وبدا ان هذا هو سبب تأجيل اجتماع اللجنة من اليوم الخميس الى غد الجمعة، على ان تصل الموفدة الاميركية مورغان اورتاغوس الى بيروت خلال ساعات لترؤس الاجتماع ما لم يحصل تطور جديد يؤجله مرة اخرى.

ولاحقاً، اعلنت منصة «بلومبرغ» نقلا عن مسؤولين: ان «إسرائيل تخطط للاحتفاظ بعدد قليل من المواقع المرتفعة داخل لبنان لحماية مستوطنات الشمال.لكن انتهاكات حزب الله لم تكن كبيرة بما يكفي لتأخير الخطوة التالية من اتفاق الهدنة.

لجنة الصياغة

في هذه الاثناء استمرت لجنة صياغة البيان الوزاري في عملها، وعلمت «اللواء» ان المسودة قد تنجز اليوم الخميس، وفي حال انتهت تعرض على السبت او الاثنين على رئيس الجمهورية لإبداء الملاحظات عليها، ثم تعرض على مجلس الوزراء لدرسها وتعديل او اضافة او حذف ما يستلزم واقرارها لتعرض على جلسة عامة لمجلس النواب في اقرب فرصة للتصويت على الثقة.

تسلُّم وتسليم

وتمَّت عمليات التسلم والتسليم، بين وزير المال ياسين جابر وسلفه يوسف خليل، ووزير العدل عادل نصار والوزير السابق هنري خوري.

وفي وزارة الاتصالات تم التسلم والتسليم بين الوزير الجديد شارل الحاج وسلفه جوني القرم، وكذلك في وزارتي الاشغال بين الدكتور علي حمية وفايز رسامني، وبين الوزير فكتور حجار والوزيرة حنين السيد في الشؤون الاجتماعية.

عون: لا لتهجير الفلسطينيين

واكد الرئيس عون امام وزير خارجية البرتغال بالو رينجال الذي استقبله في بعبدا على ان الحل للقضية الفلسطينية هو «حل الدولتين» انطلاقاً من المبادرة العربية للسلام التي اقرت في القمة العربية عام 2002، ورفض عون اي طرح يؤدي الى اي نوع من انواع تهجير الفلسطينيين من ارضهم او المساس بحقوقهم المشروعة لاستكمال انسحابها ضمن المهلة في 18 شباط الجاري.

وعلى صعيد التحركات الخارجية غادر وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجّي الى باريس للمشاركة في المؤتمر الوزاري حول سوريا الذي يعقد اليوم، بدعوة من نظيره الفرنسي جان نويل بارو، وعلى أثر إتصال هاتفي تم بين الوزيرين. كما سيعقد الوزير رجّي سلسلة إجتماعات جانبية مع نظرائه الوزراء ورؤساء الوفود المشاركين في المؤتمر للتشاور في مجموعة من القضايا المتعلقة بلبنان والمنطقة.

زيارة الحريري

سياسياً، برز اول نشاط للرئيس سعد الحريري بجولة على الرؤساء عون وبري ونواف سلام ونجيب ميقاتي وتمام سلام ومفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، واكتفى بالقول:«لاقوني بالساحة يوم الجمعة واستمعوا الى ما سأقوله» .
كما لوحظت زيارات متتالية لرؤساء الحكومات السابقين نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام وحسان دياب والحريري الى القصر الجمهوري لتهنئة الرئيس عون بإنتخابه وتشكيل الحكومة، وتأكيد دعمهم للعهد وللحكومة. وعلمت «اللواء» ان الرؤساء الاربعة – ما عدا الحريري – حضروا بدعوة من الرئيس عون للإستئناس برأيهم في الامور المطروحة امام العهد والحكومة.

وكان الحريري استهل اليوم الاول لعودته باستقبال السفيرة الاميركية في بيروت ليزا جونسون في بيت الوسط.

فتح طرقات ساحة النجمة

وفي خطوة انفراجية، بدأت شرطة بفتح كافة الطرقات المحيطة بساحة النجمة بدءاً من شارع المصارف وصولاً الى الوسط التجاري في بيروت، لتكون مفتوحة على المواطنين من دون اية عوائق.

إبقاء سلامة موقوفاً

على صعيد ملاحقة حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، ترك قاضي التحقيق الأول بلال حلاوي المحامي مروان عيسى الخوري بكفالة مالية قيمتها مليار ليرة ومنعه من السفر لمدة شهرين، أما المحامي ميشال تويني المعروف بـ«ميكي» فترك بكفالة مالية قيمتها 2 مليون دولار أميركي و89 ألف دولار أميركي ومليار ليرة لبنانية ومنع من السفر لمدة شهرين، وأبقى على الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة موقوفاً.

وفي التفاصيل، عقدت جلسة الإستجواب الأخيرة لسلامة أمس، بحضور وكيله المحامي مارك حبقة في ظلّ إجراءات أمنيّة مشدّدة. وقد تقدّم وكيله المحامي مارك حبقة بطلب إخلاء سبيله. ويذكر ان سلامة والمحاميين ميكي تويني ومروان عيسى الخوري يمثلون أمام قاضي التحقيق بلال حلاوي لاستجوابهم في ملف حساب الاستشارات.

تضامن بين الانسحاب وعدم الانسحاب

في تطورات الوضع الجنوبي، بث الاعلام العبري معلومات متناقضة عن الانسحاب، فذكرت القناة 14 العبرية: أنه بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، وما لم يحدث تغيير، فإن جيش الاحتلال الإسرائيلي سينسحب من لبنان خلال أسبوع. فيما نقلت هيئة البث العبرية عن «مسؤولين كبارفي الكابينت الأمني والسياسي إن إسرائيل حصلت على موافقة أميركية للبقاء في نقاط عدة بجنوب لبنان إلى ما بعد الموعد المحدد لوقف اطلاق النار».

ومساء، اعلن قائد القيادة الشمالية لجيش الاحتلال اللواء أوري جوردين انه «تمت إزالة التهديد الكبير الذي كان يمثله الحزب والذي كان يهدد سكان شمال إسرائيل. وتمت إزالة تهديد قوة الرضوان والتهديد بإطلاق صواريخ على العمق الإسرائيلي. لكن لا يعني ذلك أنه لم يعد هناك عدو أو لم يعد هناك حزب لكن الواقع الأمني اليوم في الشمال آمن.التحدي الكبير الذي يواجهنا هو الحفاظ عليه».

وقالت مصادر رسمية لـ «اللواء»: ان كل ما يتم تسريبه عن قرار بتأجيل الانسحاب ام بقاء قوات الاحتلال في خمس مواقع مرتفعة او تسليمها لقوات اليونيفيل مع جنود اميركيين وفرنسيين كلام بكلام، فلبنان لم يتبلغ اي طرح من اي طرف، ولا شيء جدي او نهائي حتى الان، وموقف لبنان واضح وتم ابلاغه لجميع الاطراف برفض بقاء الاحتلال في اي بقعة لبنانية بعد 18 شباط لا في التلال الخمس ولافي غيرها.

وذكرت مصادر قناة «العربية – الحدث» أن إسرائيل ولبنان اتفقتا على تمديد إتفاق وقف النار إلى ما بعد شهر رمضان وعيد الفطر، وهما ينتظران قرار دمشق بشأن مزارع شبعا حيث التوجه لإقرارها أراض سورية. وأن إسرائيل ستبقي قواتها في بعض مناطق الجنوب اللبناني خاصة في القطاع الشرقي وتعهدت بالانسحاب التدريجي من الجنوب خلال الأيام المقبلة .

وزعمت المصادر أن رئيس مجلس النواب نبيه بري اتفق مع حزب الله على تمديد اتفاق وقف النار مرة ثانية، مشيرةً إلى أن المبعوثة الأميركية للبنان ستعود خلال أيام إلى بيروت وإسرائيل لتثبيت الاتفاق.

من جهة أخرى، أكدت المصادر أن إسرائيل لم تتعهد بوقف الاغتيالات في لبنان، وأن قادة من حزب الله على رأسهم نعيم قاسم و وفيق صفا على رأس قائمة استهدافات إسرائيل.

لكن نفى مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية في بيان ما بثته محطة «العربية – الحدث» عن اتفاق بين لبنان وإسرائيل على تمديد وقف النار لما بعد عيد الفطر. واعلن البيان ان «الرئيس جوزيف عون أكد مراراً إصرار لبنان على الانسحاب الكامل للعدو الاسرائيلي ضمن المهلة المحددة في ١٨ شباط الجاري».

وفي السياق، صدر عن المكتب الاعلامي لبري ما يلي : «ما نسبته قناة الحدث عن مصادر حول إتفاق بين الرئيس نبيه بري وحزب الله على تمديد وقف النار مرة ثانية هو محض إختلاق ومزيف تماماً».

في المقابل، تبلغت لجنة مراقبة تطبيق وقف اطلاق النار والقرار ١٧٠١ بأن الجيش الإسرائيلي يطلب البقاء في بعض النقاط في جنوب لبنان حتى ٢٨ شباط وقد رفض الجانب اللبناني هذا الطلب بشكل قاطع.

وذكرت قناة «كان 11» الاسرائيلية ان لاجيش الاسرائيلي بدأ بإقامة خمسة مواقع عسكرية داخل الاراضي اللبنانية وهي: تلال العويضة والحمامص والعزية واللبونة وجبل بلاط.
وجرى تداول في تسليمها لليونيفيل، وتعزيز هذه الوحدات بعناصر اميركية وفرنسية.

وليلاً، زعم الناطق بلسات الجيش الاسرائيلي ان فيلق القدس وحزب الله يستغلان مطار بيروت لتهريب اموال مخصصة لتسلح حزب الله.

ميدانياً، أطلق جيش الاحتلال الاسرائيلي رشقات رشاشة من بلدة مارون الراس عند مدخلها، لجهة اطراف مدينة بنت جبيل. كما شهدت المنطقة الجنوبية لبلدة عيتا الشعب المحاذية للخط الازرق مع فلسطين المحتلة عملية تفجير لمزرعة عند الحدود، وقام جيش الاحتلال الاسرائيلي بحرق المنازل وبعمليات تفجير في بلدة العديسة.

ونفذّت جرافات للاحتلال الاسرائيلية بعد الظهر، اعمال تجريف عند أطراف بلدة الضهيرة، حيث شوهدت ايضا اعمال تركيب ألواح إسمنتية عملت رافعات للاحتلال على تركيبها عند الشريط التقني الحدودي للخط الأزرق. وعصراً نفذ العدوتفجيرات كبيرة في بلدة حولا. و3 تفجيرات متتالية في كفركلا. وتفجيراعنيفا في يارون.. تلاه تفجيرات في ميس الجبل تزامنا مع سماع تحركات كثيفة لآلياته..

والى ذلك، ارتقى شهيداً الشاب خليل فياض متأثراً بإصابته برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلية في بلدته عيترون، خلال فعاليات يوم العودة إلى البلدات الحدودية في 26 كانون الثاني الماضي. كما انتشلت فرق الدفاع المدني امس، اشلاء شهيد من حي الحومة في الخيام تم نقلها إلى مستشفى مرجعيون الحكومي، تمهيداً لإجراء الفحوصات الطبية والقانونية اللازمة، بما في ذلك فحوصات الحمض النووي (DNA)، تحت إشراف الجهات المختصة لتحديد هويته.

البناء:

صحيفة البناءترامب ينعطف نحو التفاوض مع موسكو للتفاوض على حساب أوروبا وأوكرانيا

نتنياهو يتراجع عن التهديدات ويستعدّ لتلبية مطالب حماس وقبول العودة للتبادل

بري: ما نسبته قناة «الحدث» عن موافقته على تمديد وقف النار مختلق ومزيّف

كتب المحرّر السياسيّ

قرّر الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد استنفاد عروض القوة لثلاثة أسابيع، البدء بالعمل الجدّي فأمسك بهاتفه واتصل بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وفتح قناة التفاوض حول أوكرانيا ووقف الحرب وفق صيغة قال عنها وزير الدفاع الأميركي بيت هيغيست إنها يفترض أن تقوم على ركيزتين، الأولى أن عضوية أوكرانيا للناتو غير واقعيّة وإن العودة إلى حدود 2014 مستحيلة، بينما قرّر ترامب إيفاد وزير خزانته سكوت بيسنت إلى أوكرانيا قائلاً إن واشنطن أنفقت 500 مليار دولار على أوكرانيا لا بد من استعادتها عبر صفقات في مجال المعادن النادرة، مضيفاً في حوار مع فوكس نيوز أنه لا يستبعد أن تصبح أوكرانيا في يوم ما روسية، وعلى طريقة إدارته للمشاريع الجدية شكل فريقاً فورياً لملف التفاوض مع موسكو، بخلاف سائر الملفات التي أثارها وحوّلها إلى قنابل دخانية، تغطي ذهابه للتفاوض مع بوتين، وكشف ترامب أنه طلب من وزير الخارجية ماركو روبيو ومدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) جون راتكليف ومستشاره للأمن القومي مايكل والتز ومبعوثه إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف «قيادة المفاوضات التي أشعر بقوة بأنها ستكون ناجحة».

في المنطقة، تتواصل المواقف والتداعيات حول ملفات غزة، سواء مستقبل وقف إطلاق النار المهدّد بالانهيار بعد تهديد ترامب لحماس بالجحيم ما لم تفرج عن كل الأسرى لديها بحلول يوم السبت، أو ما يتعلق بمشروع ترامب لتهجير غزة والضغط على مصر والأردن والسعودية للانخراط في المشروع. وفيما ثبتت حماس على موقفها رغم تهديد ترامب الذي رحّبت به حكومة الاحتلال برئاسة بنيامين نتنياهو، بدأت التراجعات الإسرائيلية توحي بأن المقاومة قاب قوسين من ربح معركتها الثانية وإثبات أن وقف إطلاق النار كان حصيلة العجز الإسرائيلي عن مواصلة الحرب، وقدر تداولت وسائل الإعلام الإسرائيلي تقارير عن مواقف حكومية للمضي بصفقة التبادل إذا التزمت حماس بالإفراج عن الأسرى المقرّر إطلاقهم يوم السبت وهم ثلاثة فقط، بينما تحدثت تقارير موازية عن بدء السماح الإسرائيلي للمعدات الثقيلة والبيوت الجاهزة بالدخول الى غزة، بعدما تسبّب منعها بإعلان حماس تعليق التبادل يوم السبت، أما في المواقف العربية من طروحات ترامب ودعوته العرب للانخراط بتهجير غزة، فتبدو القمة العربية المرتقبة نهاية هذا الشهر محطة فاصلة لتكريس موقف عربي عبّرت عنه سلفاً مواقف مصرية وسعودية ترفض التهجير والاستيطان وضمّ الأراضي وتتمسك بإقامة دولة فلسطينية على الأراضي المحتلة العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وربط التطبيع العربي بإنجاز الدولة الفلسطينية وليس مجرد التبشير بها.

لبنانياً، يتركز الاهتمام مع انصراف الحكومة إلى إنجاز بيانها الوزاري والاستعداد لجلسة نيل الثقة من مجلس النواب، نحو ما سيجري في الثلاثاء المقبل عندما تنتهي المهلة الممدّدة لاتفاق وقف إطلاق النار جنوباً، بعدما أعلنت «إسرائيل» نيتها تمديد المهلة مجدداً، وبعدما روّجت قناة الحدث لتقارير عن التوصل إلى اتفاق يضمن تمديد المهلة إلى ما بعد شهر رمضان، صدر عن مكتب رئيس مجلس النواب نبيه بري بيان قال فيه إن «ما نسبته قناة «الحدث» عن مصادر حول اتفاق بين بري وحزب الله على تمديد وقف النار مرة ثانية هو محض اختلاق ومزيّف تماماً».

وحفلت الساحة الداخلية بجملة من التطورات أبرزها عودة الرئيس سعد الحريري استعداداً لإحياء ذكرى والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري الجمعة المقبل، فيما بقي الاهتمام الرسمي السياسي والدبلوماسي منصبّاً على الوضع في الجنوب مع بدء العدّ العكسي للانسحاب الإسرائيلي من القرى الحدودية، غير أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي تصرّ على إبقاء قواتها في بعض النقاط الجبليّة داخل الأراضي اللبنانية والضغط باتجاه تمديد اتفاق الهدنة إلى 28 الشهر الحالي، غير أن الدولة اللبنانية وبخاصة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون رفض الطلب مؤكداً على موقف لبنان المتمسك بالانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي اللبنانية في الثامن عشر من الشهر الحالي، ما دفع بالطيران الحربي الإسرائيلي إلى خرق جدار الصوت على دفعتين فوق بيروت وضواحيها، قرأتها مصادر سياسية بأنّها رسالة تهديد إسرائيلية للبنان بعد موقف رئيس الجمهورية.
ونقلت وكالة «بلومبرغ» عن مصادر مطلعة، أن «»إسرائيل» تسعى إلى الاحتفاظ بعدد قليل من المواقع المرتفعة داخل لبنان لحماية مستوطنات الشمال»، لافتةً الى أن «قرار «إسرائيل» يأتي بعد رفض واشنطن طلبها إبقاء الجزء الأكبر من قواتها بعد الموعد المحدّد». وذكرت الوكالة، أن «انتهاكات حزب الله لم تكن كبيرة بما يكفي لتأخير الخطوة التالية من اتفاق الهدنة».

وأشار مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية في بيان، إلى أنه «بثت محطة «الحدث» التلفزيونية خبراً تحدثت فيه عن «اتفاق بين لبنان و»إسرائيل» على تمديد وقف النار الى ما بعد شهر رمضان وعيد الفطر»، يهمّ مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية أن يؤكد أن لا صحة لهذا الخبر وأن لبنان لم يتبلّغ مثل هذه المعلومات، علماً أن رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون أكد أكثر من مرة إصرار لبنان على الانسحاب الكامل للعدو الإسرائيلي ضمن المهلة المحددة في 18 شباط الحالي، فاقتضى التوضيح».

بدوره، أكد المكتب الإعلامي لرئيس مجلس النواب نبيه بري في بيان، بأن «ما نسبته قناة «الحدث» عن مصادر حول اتفاق بين بري وحزب الله على تمديد وقف النار مرة ثانية هو محض إختلاق ومزيف تماماً».

وأكدت مصادر دبلوماسية غربية لـ«البناء» أن لا مبرّر لبقاء الجيش الإسرائيلي في الجنوب، طالما أن مهلة تمديد الهدنة قد شارفت على النهاية، وأن اللجنة الخماسية تتولى الإشراف على تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار والقرار 1701 والجيش اللبناني يقوم بواجبه بالانتشار في كل النقاط والمناطق التي ينسحب منها الجيش الإسرائيلي إضافة الى الدوريات التي تسيرها قوات اليونفيل في جنوب الليطاني الى جانب أن حزب الله التزم الى حدٍ كبير باتفاق وقف إطلاق النار ويستكمل انسحابه وأسلحته من جنوب الليطاني، وبالتالي لبنان ينفذ التزاماته وفق اتفاق وقف النار، فيما «إسرائيل» لا تلتزم وتستمر بخروقاتها للاتفاق ما يهدد بانهيار هذا الاتفاق اذا ما استمرت بهذه الخروق الى ما بعد الثامن عشر من الشهر الجاري». وشددت المصادر على «وجود قرار أميركي – فرنسي – أوروبي بانسحاب «إسرائيل» من الجنوب بشكل كامل والعمل على تثبيت الحدود لاحقاً وإرساء الاستقرار والأمن على طول الحدود وإبعاد أي احتمال للتوتر في المستقبل». وشدّدت على أن «نطاق ترتيبات اتفاق وقف إطلاق النار وإزالة حزب الله لسلاحه ضمن منطقة جنوب الليطاني وهي منطقة عمل قوات اليونفيل، أما السلاح خارج الليطاني فيخضع للقرار 1701 ويندرج في إطار مهمات الدولة اللبنانية من خلال الحكومة الجديدة والدستور والقوانين اللبنانية».

وأفادت مصادر قناة «الجديد» أن الموفدة الأميركية مورغان اورتاغوس ستصل الى بيروت في 16 الحالي وستكون زيارة التفاوض الأخيرة لتأكيد الانسحاب الإسرائيلي في 18 الشهر الحالي». وذكرت أن «باريس لعبت دوراً وسيطاً في المفاوضات فماكرون اتصل أكثر من مرة بالرئيس جوزاف عون وتواصل مع الجانب الإسرائيلي وابلغه رفض عون القاطع لأي إبقاء على أي موقع تحت الاحتلال الإسرائيلي»، مضيفةً «الضغط الفرنسي واللبناني وبعدهما القناعة الأميركية سيدفعان بـ«إسرائيل» إلى الانسحاب الكامل في تاريخ 18 شباط الحالي».

وأفيد أن لجنة مراقبة تطبيق وقف إطلاق النار والقرار ١٧٠١ تبلّغت بأن الجيش الإسرائيلي يطلب البقاء في بعض النقاط في جنوب لبنان حتى ٢٨ شباط وقد رفض الجانب اللبناني هذا الطلب بشكل قاطع. وأفيد أن «الحل الذي يعمل عليه لجهة تنفيذ الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب في 18 شباط هو أن تتسلّم قوات اليونيفيل النقاط الخمس التي هي: تلال العويضة والحمامص والعزية واللبونة وجبل بلاط بالتعاون مع الجيش اللبناني، وقد تعزَّز قوات اليونيفيل بالعناصر الأميركية والفرنسية تحت لواء اليونيفيل».

وإذ جدّدت جهات مطلعة على موقف المقاومة لـ«البناء» الوقوف خلف الدولة في مواجهة العدوان الإسرائيلي وتنفيذ الانسحاب الإسرائيلي من كامل الجنوب بموازاة الاستعداد لكافة الاحتمالات من ضمنها رفض العدو الانسحاب وتصعيد عدوانه، رأى رئيس الهيئة الشرعية في حزب الله الشيخ محمد يزبك أننا «حاضرون لكل شيءٍ من أجل كرامتنا وعزّتنا ‏وسيادة لبنان، إن المقاومة هي تُدافع عن لبنان هي حصن لهذا البلد، فإن البلد بحاجة إلى مَن يُدافع ‏عنه، نحن عندما تتصدّى الدولة بأن تحمي الحدود فنحن مع هذه الدولة وندعم هذه الدولة، وهذا ‏ما رأيتموه عندما كان أهلنا مع الجيش يقتحمون تلك القرى، فنحن جميعاً نتطلع إلى ذلك اليوم».

وقال: «نتطلع أيضاً إلى يوم الـ 23 من هذا الشهر حيث يكون تشييع إمام الأمة السيد ‏الشهيد الأقدس السيد حسن نصرالله، نعم سوف يكون هذا التشييع الوطني نابعاً من هذا الوطن، ‏الذي دفع دمه ووجوده ومقاومته من أجل هذا الوطن وعزة هذا الوطن، إن المقاومة باقية لا ‏يُمكن لِرايتها أن تسقط. فالراية كما وعد سماحة السيد بأن الراية لن تسقط وأن الراية ستستمر، ‏هو وعده الوعد الصادق، وإن شاء الله سيتحقق، ونسأل الله سبحانه وتعالى لأمتنا العزة ‏والكرامة».

وكان رئيس الجمهورية أكد «موقف لبنان الثابت من القضية الفلسطينية الداعم لحل الدولتين»، مشدداً على «أهمية المبادرة العربية للسلام التي أقرتها القمة العربية في العام 2002»، رافضاً «الطروحات التي تؤدي الى حصول أي نوع من أنواع تهجير الفلسطينيين من أرضهم أو المساس بحقوقهم المشروعة التي كرّستها قرارات الأمم المتحدة». ودعا الرئيس عون دول الاتحاد الأوروبي «للضغط على إسرائيل لاستكمال انسحابها ضمن المهلة المحددة في 18 شباط الحالي، كما لإعادة النازحين السوريين إلى بلادهم بعد انتفاء أسباب بقائهم في لبنان».

في غضون ذلك، من المتوقع أن تعقد اللجنة الوزارية لصياغة البيان الوزاري اجتماعها الثاني اليوم لاستكمال مناقشة المسودة التي طرحها مكتب رئيس الحكومة نواف سلام، ولفتت مصادر وزارية لـ«البناء» الى أن النسخة المنقحة للبيان الوزاري ستنتهي خلال يومين وتكون على طاولة مجلس الوزراء لمناقشتها وإقرارها ومن ثم توجه الحكومة إلى طلب الثقة من مجلس النواب على أن يحدد رئيس المجلس نبيه بري جلسة مخصصة لمناقشة البيان الوزاري ومنح الحكومة الثقة مطلع الأسبوع المقبل. وتوقعت المصادر أن تنال الحكومة الثقة بأغلبية وازنة تمكنها من الانطلاق للعمل والإنجاز بقوة دفع كبيرة.

ووفق المصادر فلا مشكلة في البيان الذي سينسجم مع المرحلة الجديدة ووفق أولويات الحكومة والمواطن من حماية السيادة والحدود والانسحاب الإسرائيلي من كامل الأراضي اللبنانية وإعادة الإعمار وإنجاز التعيينات في المواقع الأمنية والعسكرية والإدارية والقضائية، وبعض الإصلاحات الضرورية واستكمال التفاوض مع صندوق النقد الدولي، وإجراء الانتخابات البلدية والاختيارية والنيابية بعد إدخال بعض التعديلات على قانون الانتخاب. ولفتت المصادر إلى أن الفقرة المخصّصة بموضوع تحرير الأراضي وحماية لبنان وسلاح المقاومة، فلا خلاف حولها أيضاً، فالبيان سيستند بهذا الأمر تحديداً على خطاب القَسَم أولاً ووثيقة الوفاق الوطني واتفاق الطائف ثانياً كما قال رئيس الحكومة في مقابلته أمس الأول، ومن ميثاق الأمم المتحدة والقرارات الدوليّة.

ولفت نائب رئيس مجلس الوزراء وعضو لجنة صياغة البيان الوزاري طارق متري إلى أنّه فيما خصّ البيان الوزاري سنستند الى خطاب القَسَم لرئيس الجمهورية لأنه لاقى ترحيباً وتأييداً شعبياً كبيراً بين اللبنانيين إضافة الى تأييد المجتمع الدولي»، ولفت الى أن «حق اللبنانيين بالدفاع عن أرضهم مشروع وفق ميثاق الأمم المتحدة وهو حق غير قابل للتصرف، لذلك تصرّ الدولة اللبنانية والحكومة على الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الجنوب مع التزام الدولة بتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار والقرارات الدولية لا سيما القرار 1701»، ونفى متري أن تكون الحكومة اللبنانية قد تلقت طلباً أميركياً بتمديد ثانٍ لاتفاق وقف إطلاق النار.

وإذ كشفت أوساط سياسية لـ«البناء» أن «إقصاء التيار الوطني الحر وتيار المردة وحلفاء المقاومة من الكتل السنية، جاء في إطار قرار خارجي بعدم منح الثنائي الوطني حزب الله وحركة أمل الثلث الضامن في الحكومة وذلك للحدّ من نفوذ وقوة هذا الحلف في الحكومة وعدم التحكم بقراراتها»، وعبر مصدر نيابي في التيار الوطني الحر لـ«البناء» عن امتعاضه الشديد من أداء الرئيس سلام مع التيار، ما سيترك تداعيات سياسية على العلاقة معه، وأكّد في سياق ذلك عضو تكتّل «لبنان القوي» النّائب أسعد درغام، أنّ «ما قاله رئيس الحكومة نواف سلام هو تجنّ على التيار الوطني الحر»، لافتًا إلى «أنّنا لم نتلقَّ منه أيّ عرض ولم يطرح علينا أي حقيبة»، مشيرًا إلى أنّه «لولا أصوات «التّيّار» لما وصل سلام، وأقول له: «روما من فوق غير روما من تحت». واعتبر درغام أن «كلام سلام عن أنه عرض على تكتل «الاعتدال الوطني» أسماء ذات كفاءة أعلى من التي عرضها التكتل، هو إهانة وإساءة لعكار ولكل عكاري». اعتبر أنّ «من الطبيعي أن نحجب الثقة عن هذه الحكومة، فنحن معارضة، لكن نهجنا بناء خصوصاً بعد أن تبين لنا أن رئيس الحكومكة الأسبق فؤاد السنيورة هو المرشد الفعلي لنواف سلام، وهو مَن ركّب كل التركيبة الحكومية».

على صعيد آخر، أعلنت قيادة شرطة مجلس النواب، «أنّها باشرت بفتح الطّرقات كافّة المحيطة بساحة النجمة، بدءًا من شارع المصارف وصولًا إلى الوسط التّجاري في بيروت، وبالتّالي ستكون مفتوحة أمام المواطنين كافّة من دون أي عوائق».

وشهدت الساحة السياسية عودة الرئيس سعد الحريري الى بيروت عشية ذكرى استشهاد والده الرئيس رفيق الحريري، حيث جال على المرجعيات الرئاسية والسياسية، وبحث في قصر بعبدا مع رئيس الجمهوريّة في تطوّرات الأوضاع الرّاهنة، كما زار الرئيس بري في عين التينة، ورئيس الحكومة نواف سلام وعدداً من الشخصيات السياسية.

قضائياً، ترك قاضي التحقيق الأول بلال حلاوي المحامي مروان عيسى الخوري بكفالة مالية قيمتها مليار ليرة ومنعه من السفر لمدة شهرين، أما المحامي ميشال تويني المعروف بـ«ميكي» فترك بكفالة مالية قيمتها 2 مليون دولار أميركي و89 ألف دولار أميركي ومليار ليرة لبنانية ومنع من السفر لمدة شهرين، وأبقى على الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة موقوفاً. وفي التفاصيل، عقدت جلسة الاستجواب الأخيرة لسلامة اليوم، بحضور وكيله المحامي مارك حبقة في ظلّ إجراءات أمنيّة مشدّدة. وقد تقدّم وكيله المحامي مارك حبقة بطلب إخلاء سبيله. ويذكر أن سلامة والمحاميين ميكي تويني ومروان عيسى الخوري يمثلون أمام قاضي التحقيق بلال حلاوي لاستجوابهم في ملف حساب الاستشارات.

المصدر: صجف

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق