موجة الجفاف تُنذر بأزمة كهربائية ومائية في لبنان - تدوينة الإخباري

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
موجة الجفاف تُنذر بأزمة كهربائية ومائية في لبنان - تدوينة الإخباري, اليوم الاثنين 3 فبراير 2025 07:45 مساءً

زينب حمود

انعكست موجة الجفاف التي تغزو العديد من دول العالم على لبنان، بحسب العديد من الخبراء. وتحت عنوان “الجفاف يدق ناقوس الخطر في لبنان”، تناولت وسائل الإعلام والمواقع الإخبارية التغيرات المناخية التي يتعرض لها لبنان. ما مدى دقة هذه الأنباء؟

تابع موقع المنار الإلكتروني القضية عبر المصلحة الوطنية لنهر الليطاني، حيث أوضح مديرها العام، سامي علوية، خلال مقابلة خاصة، أن توقعات السنة المائية 2024-2025 تشير إلى أنها ستكون سنة جافة، خصوصًا وأن كمية المياه الوافدة إلى بحيرة القرعون هذا العام بلغت حوالي 23 مليون متر مكعب. وأشار في الوقت نفسه إلى أنه من المتوقع أن تصل كمية المياه التي ستدخل البحيرة بنهاية السنة المائية إلى حوالي 120 مليون متر مكعب، في حين أن المعدل السنوي لهذه الكميات (على مدى 60 عامًا) يبلغ 320 مليون متر مكعب.

مقارنة مع سنوات مائية مشابهة

حصل موقع المنار على جدول مقارنة للسنوات المائية المشابهة لهذا العام، وهو على النحو التالي:

المياه الوافدة

 

من خلال هذا الجدول، يتبين أن إنتاج معامل الليطاني المتوقع لهذا العام سيكون حوالي 250 مليون كيلو واط/ساعة (KWH)، في حين أن المعدل السنوي لهذا الإنتاج (على مدى 60 عامًا) يبلغ 520 مليون كيلو واط/ساعة.

يتضح مما تقدم أن عام 2025 سيكون صعبًا على واردات المصلحة الوطنية لنهر الليطاني، التي من المتوقع أن تكون نصف المعدل في السنوات المائية العادية. من الممكن أن تصل هذه الواردات إلى حوالي (250 مليون كيلو واط/ساعة * 0.03 دولار أمريكي = 7.5 مليون دولار أمريكي)، في حين أن هذه الواردات في السنوات المائية العادية تفوق 15 مليون دولار أمريكي.

انعكاسات الجفاف.. لا كهرباء ولا مياه

يشير علوية إلى أن انعكاسات هذا الجفاف ستطال بالدرجة الأولى إنتاج الكهرباء، حيث يعتمد إنتاج الطاقة الكهرومائية في معامل الليطاني بشكل رئيسي على المياه الوافدة إلى بحيرة القرعون، بالإضافة إلى كميات المياه الوافدة من عين الزرقاء ونفق “عبد العال – أنان” وشلالات جزين ونهر بسري.

لذلك، ستكون مؤسسة كهرباء لبنان أمام خسارة كبيرة، بحسب علوية، حيث ستخسر حوالي (520 – 250) = 270 مليون كيلو واط/ساعة من الطاقة الكهربائية التي كانت تستمدها من معامل الليطاني بسعر 3 سنتات من الدولار الأمريكي، مما سيجبرها على شراء الفيول وتشغيل معاملها لإنتاج الطاقة البديلة بتكلفة تتجاوز 13 سنتًا لكل كيلو واط/ساعة. هذه الخسارة ستصل إلى أكثر من 27 مليون دولار، مما سيؤثر بشكل كبير على قدرة مؤسسة كهرباء لبنان على تلبية احتياجات المواطنين من الطاقة.

كما يوضح علوية أن جفاف الينابيع على ارتفاع 900 متر فوق سطح البحر سيؤثر على حاجة السكان من المياه، سواء للشرب أو للري، وسيؤثر ذلك أيضًا على مستوى نهر الليطاني في الحوض الأدنى، مما سيقلل من كفاءة توزيع المياه في مشروع ري القاسمية الذي يغذي الساحل الجنوبي من الغازية إلى المنصوري. حيث سيعاني حوالي 6000 هكتار من الأراضي الزراعية من نقص في المياه.

طقس لبنان لم يعد معتدلًا

يتميز لبنان بطقسه المعتدل وفصوله الأربعة، ما جعله وجهة سياحية رائعة بين دول البحر الأبيض المتوسط. لكن التغيرات المناخية التي يشهدها العالم بدأت تلقي بظلالها على لبنان. فمنذ سنوات قليلة، بدأ لبنان يعاني من تغييرات في طقسه، حيث تقصر أيام الشتاء ويبدأ الربيع في غير موعده المعتاد، بينما تطول أيام الصيف.

يقول رئيس قسم التقديرات في مصلحة الأرصاد الجوية في مطار بيروت الدولي، محمد كنج، إن مناخ لبنان يشهد تغيرات واضحة، حيث كانت بداية السنة الحالية جافة نسبيًا، وقد صنفت من بين أقل 5 سنوات في معدلات الأمطار على مدى 80 سنة.

عادةً ما يُعتبر شهر كانون الثاني/يناير الشهر الأكثر غزارة بالأمطار، حيث يشكل 25% من موسم الأمطار. إلا أن هذا الموسم كان أقل بنسبة 10% من المعدل المعتاد. كما كانت درجات الحرارة أعلى من معدلاتها بأربع درجات، وكان تأثير المنخفضات الجوية محدودًا وجافًا مع تساقط ثلوج قليلة.

وفقًا لكنج، من المتوقع أن يشهد لبنان منخفضًا جويًا فعالًا وباردًا في 4 شباط، لكنه سيكون سريعًا ويحمل ثلوجًا على ارتفاعات متوسطة قد تصل إلى 1200 متر وأدنى. ومع ذلك، فإن هذه السنة ستظل غير قادرة على بلوغ المعدلات المعتادة. في زحلة، مثلاً، بلغت المتساقطات (150 ملم) بينما المعدل هو (400 ملم)، وفي بيروت بلغت (270 ملم) بينما المعدل هو (530 ملم)، ما يعني أننا نواجه عجزًا يصل إلى 40% من المعدلات المعتادة، ما ينذر بأزمة مياه.

التدابير المفترضة.. حلول موجودة ولكن!

حسب قانون المياه، من المفترض أن تتخذ وزارة الطاقة والمياه تدابير للتعامل مع شح المياه، مثل تقييد استخدام المياه لغير حاجات الشرب والري الزراعي. كما يجب تشجيع المزارعين على استخدام تقنيات الري بالتنقيط بدلاً من الري التقليدي لتخفيف الضغط على الموارد المائية، فضلًا عن فرض تدابير صارمة للحد من هدر المياه.

في المقابل، يتحدث أستاذ علوم الجيولوجيا في الجامعة اللبنانية، الدكتور سمير زعاطيطي، لموقع المنار عن الجفاف الحالي قائلاً إنه ليس ظاهرة جديدة، فقد شهده لبنان في سنوات سابقة. ويضيف: “لقد رأينا بحيرة القرعون في هذه الحالة، فما الذي ليس طبيعيًا هنا؟ لماذا الاستغراب؟” ويتساءل عن سبب الاستفزاز الذي تثيره هذه الظاهرة في الإعلام.

ثم يتطرق  للحديث عن بنية لبنان الجيولوجية والسياسة المائية المتبعة، مؤكدًا أن احتياطات المياه الجوفية متوفرة خلال أشهر الجفاف ويمكنها تلبية الاحتياجات المتزايدة، بعكس المصادر السطحية التي تنخفض في هذه الفترة. ويضرب مثالاً بالدول الأوروبية المتطورة التي اعتمدت على المخازن الكارستية كحل مثالي لتلبية احتياجات المياه للشرب والاستخدام.

ويؤكد أن بناء محطات استثمار المياه الجوفية يمكن أن يتم بتكلفة معقولة جدًا، خصوصًا أن مشاريع السدود في لبنان غالبًا ما تكون غير مدروسة، مكلفة، وغير قابلة للاستثمار، ولم تتمكن من حل مشكلة نقص المياه.

وفي شرح مفصل، يسلط زعاطيطي الضوء على ما يتعرض له قطاع المياه من تدمير تحت ذريعة التغير المناخي، داعيًا إلى ضرورة إصدار قانون موحد يمنع النشاطات الملوثة في المرتفعات الجبلية، كونها تعد مخازن حقيقية للمياه الجوفية. ويستشهد بتفاصيل أبحاث علمية للراحل البروفيسور وجدي نجم، عالم المياه السطحية والهيدرولوجيا، التي أظهرت أن معدل الأمطار في لبنان لا يزال على حاله، وأن ما يواجهه لبنان هو تغير حراري ناتج عن الاحتباس الحراري الذي يؤثر على كوكب الأرض بأسره.

5838921744885335243
الثلج يغطي جبال لبنان 2012-2013

يشكل الجفاف والتغيرات المناخية تهديدًا كبيرًا للبنان على المستويين المائي والكهربائي. وعلى الرغم من أن لبنان شهد في السنوات الماضية فترات مشابهة من الجفاف أو انخفاضًا في منسوب مياه بحيرة القرعون، إلا أن هذا لا يعني أن لبنان لا يعاني من شح دائم في المياه، سواء كانت معدلات المتساقطات جيدة أم لا، وخصوصًا في فصل الصيف، حيث تنشط عمليات تعبئة المياه المنزلية للخدمة طوال الموسم بأسعار مرتفعة.

المطلوب اليوم اتخاذ تدابير عاجلة ومراجعة شاملة للسياسات المائية والطاقوية في البلاد، بالإضافة إلى الاستثمار الصحيح والسليم في المقدرات المائية الموجودة  بما يصب في خدمة الأمن المائي للبلد بعيدًا عن أي اعتبارات أخرى.

المصدر: موقع المنار

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق