شكا أولياء أمور فرض مدارس خاصة رسوماً على أنشطة طلابية بلا جدوى تعليمية، تحمل مسميات وصفوها بـ«الغريبة»، مثل: «يوم الفاكهة والخضراوات»، و«جلوبال»، مشيرين إلى أن تلك الأنشطة تتجاوز في جوهرها العملية التعليمية، كما أنها غير ضرورية وتفتقر إلى الجدوى، حسب تعبيرهم.
وأكد ذوو طلبة أن بعض المدارس لا تكاد تمرر أسبوعاً من دون فعالية جديدة، تشمل رحلات ومشاريع ومسابقات واحتفالات، وكل ذلك مقابل رسوم مرتفعة تثقل كاهل الأسر.
فيما رأى معلمون أن بعض الأنشطة اللاصفية تنمي مهارات الطلبة الحياتية، لاسيما أنها غير موجودة في المناهج، لكنهم لم يجدوا تعليقاً على رسوم تلك الأنشطة التي تتحملها الأسر.
وأكد مديرو مدارس خاصة أهمية دور البرامج الترفيهية في كسر روتين الدراسة، وتعزيز تفاعل الطلبة مع المناهج، لكنهم لم يوضحوا كيفية تنظيمها أو تأثيرها المالي في الأسر.
في المقابل، أكد تربويون أن هذه الأنشطة لا تحظى بالزخم ذاته في المدارس الحكومية، وإن وجدت فهي لا تشكل عبئاً مالياً يثقل كاهل ذوي الطلبة، ولا تسبب لهم معاناة تُذكر، إذ تبقى في حدود المعقول والمجاني.
وتفصيلاً، أبدى ذوو طلبة: حمدان البلوشي، وميساء حمدان، وسارة مصطفى، وعبير عبدالحميد، وسمر محمد، وميادة حسن، ومحمد طه، لـ«الإمارات اليوم»، استياءهم من كثرة الأنشطة التي تفرضها بعض المدارس الخاصة، مشيرين إلى أنها تحولت إلى عبء مالي متجدد شهرياً، وأكدوا أن المدارس نادراً ما تمرر أسبوعاً من دون فعالية جديدة، تتنوع بين رحلات ومشاريع ومسابقات واحتفالات، وكل ذلك مقابل رسوم مرتفعة تثقل كاهل الأسر.
ورأوا أن تلك الأنشطة لا تقدم الفائدة الحقيقية للطلاب، في حين أن المطالب المستمرة من المدارس تضع أولياء الأمور تحت ضغط مضاعف، خصوصاً مع التزاماتهم المالية الأساسية مثل دفع الرسوم الدراسية، وطالبوا بإعادة هيكلة الأنشطة المدرسية، بحيث تُنظم وفق جدول زمني واضح وبرسوم معتمدة من الجهات المتخصصة، وقالوا: «إن الأسر التي لديها أكثر من طالب في مراحل دراسية مختلفة هي الأكثر تضرراً من هذه المطالبات المتكررة، حيث لا تقتصر المعاناة على الأعباء المالية فحسب، بل تشمل الضغط النفسي والوقت المستقطع من الوالدين لمساعدة أبنائهم في الاستعداد للفعاليات والأنشطة».
وأفادوا بأن كُلفة بعض الفعاليات تصل إلى أكثر من 700 درهم، وفي بعض الأحيان تصل إلى 1000 درهم، للطالب الواحد في الفعالية الواحدة، ما يشكل عبئاً مالياً كبيراً على الأسر، خصوصاً في ظل ارتفاع أسعار المواد المطلوبة لكل نشاط.
وشددوا على أن الهدف الرئيس من الأنشطة المدرسية يجب أن يكون تنمية مهارات الطلبة وتعزيز استقلاليتهم، بدلاً من تحميل ذويهم مطالب مالية تتجاوز قدرتهم، وأكدوا أن المهارات الحياتية يجب أن تكون حقاً لجميع الطلبة، وليست امتيازاً يعتمد على القدرة المالية.
وقال ذوو الطلبة إن الكُلفة المرتفعة أصبحت وسيلة جديدة لبعض المدارس الخاصة لتحقيق الربح على حساب الآباء، مطالبين الجهات المعنية بالتدخل لضبط هذه الممارسات، وضمان أن تكون الفعاليات ذات قيمة تربوية حقيقية بعيداً عن الاستنزاف المالي غير المبرر.
وقال عدد من مديري المدارس والمعلمين، فضلوا عدم الكشف عن أسمائهم، إن تنوع الأنشطة التعليمية، يسهم في إثراء مهارات ومعارف المتعلمين، معتبرين أن الاقتصار على شرح المعلم للدرس يشكل عائقاً في ترسيخ المعلومات، وهنا تكمن أهمية الأنشطة المرتبطة بالمادة، إذ تعزز المهارات الحياتية لدى المتعلمين.
وفي ردهم على سؤال حول الأنشطة التي لا تضيف قيمة تعليمية مثل «يوم الفاكهة والخضراوات»، أشاروا إلى أن هذه الأنشطة تعرف الطلاب إلى الفوائد الصحية للخضراوات والفواكه، أما بشأن كُلفة هذه الأنشطة فقد «تحفظوا على إيضاح كيفية تحديدها»، وما إذا كانت مرتبطة بتقييم الطالب.
في المقابل أوضح التربويون (ص.أ) و(ش.م) و(ح.أ) و(أ.س) أن المدارس الحكومية لا تفرض أي أعباء مالية إضافية على ذوي الطلبة في ما يتعلق بالأنشطة المدرسية، مشيرين إلى أن هذه الأنشطة تكون عادة محدودة في عددها، وتقتصر على الفعاليات التي لا تتطلب كُلفة مرتفعة.
وأكدوا أن الأنشطة في المدارس الحكومية تتم بشكل متوازن، حيث تركز على تعزيز المهارات الحياتية للطلاب من دون اللجوء إلى زخم مفرط من الفعاليات التي تثقل كاهل الأسر، ما يجعلها أكثر ملاءمة للقدرة المالية لأولياء الأمور.
وشرح الخبير التربوي، الدكتور أحمد الجنابي، لـ«الإمارات اليوم» مفهوم الأنشطة اللاصفية وأهميتها في العملية التعليمية، قائلاً: «إنها تشكل ضرورة حيوية لتنمية شخصية الطلاب وتعزيز مهاراتهم وقدراتهم».
وأكد أهمية أن تكون ممنهجة ومدروسة بعناية، إذ تسهم في تطوير المهارات الاجتماعية والعاطفية للمتعلمين، وتحفيز المهارات الشخصية، فضلاً عن إكسابهم معرفة ومهارات جديدة، ومنحهم الفرصة لاكتشاف قدراتهم.
وفي رده على سؤال حول مواصفات وأهداف هذه الأنشطة، أكد أنه من الضروري أن تكون ذات أهداف واضحة ومحددة، مع ضرورة التخطيط الجيد ومشاركة الطلاب بشكل حقيقي، مع العمل ضمن إطار من التقييم المستمر.
وشدد على أهمية توظيف مصادر التعلم المطورة في كل جوانب العملية التعليمية، وعدم الاقتصار على الأنشطة الأسبوعية المتكررة التي تشكل عبئاً على أولياء الأمور والطلاب.
وفي ما يتعلق بالكُلفة التي يتحملها أولياء الأمور بسبب الأنشطة المدرسية غير التعليمية المتنوعة، خصوصاً في الأسر التي لديها أكثر من طالب في مراحل دراسية مختلفة، أكد أن مسؤولية تحديد كُلفة هذه الأنشطة تقع على عاتق الجهات المعنية، التي يجب أن تتولى تقييم الأنشطة المدرسية واعتمادها وتحديد رسومها، وذلك لضمان جدوى الأنشطة، وتحقيق استفادة حقيقية للطلاب من دون تحميل أولياء الأمور عبئاً إضافياً.
وأشار إلى أن التعليم في الوقت الراهن يتخذ أشكالاً متعددة ومسارات متنوعة تدمج الجانبين النظري والتطبيقي، ما يتطلب فهماً عميقاً للأهداف التعليمية الحديثة في بناء القدرات والمهارات، وأكد ضرورة تجنب التطبيق العشوائي للأنشطة، الذي يبدد الفوائد التعليمية والتنموية، ويحوّل الأنشطة إلى مجرد وسائل للترفيه، أو لتحقيق أرباح غير مبررة لبعض المدارس.
خبير تربوي:
• الأنشطة اللاصفية ضرورة حيوية لتنمية شخصية الطلاب.
مديرو مدارس:
• البرامج الترفيهية تكسر روتين الدراسة وتعزز تفاعل الطلبة معرفياً.
• تربويون: الأنشطة اللاصفية تنمي مهارات الطلبة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
0 تعليق