عاجل

عبث شرير بتاريخ مجيد - تدوينة الإخباري

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
عبث شرير بتاريخ مجيد - تدوينة الإخباري, اليوم السبت 1 فبراير 2025 02:46 مساءً

أظهر المسلمون منذ فجر حضارتهم عناية فائقة بتاريخهم، فأسسوا بأنفسهم مدرسة متفردة في دراسة التاريخ، تقوم على السند، الذي يقوم عليه علم الحديث النبوي الشريف، فلا تجد كتابًا من كتب المؤرخين المسلمين إلا وهو يروى الحادثة مسندة.

هذه المدرسة المتفردة التي لم تعرفها أمة سبقت المسلمين، يعرفها لا شك في ذلك أستاذ التاريخ أحمد صبحي منصور، ولكنه لا يعترف بها بل يركل إنجازاتها بقسوة بالغة.

ولد الدكتور منصور قبل سبعين عامًا، وتعلم في المعاهد الأزهرية حتى أصبح أستاذًا بجامعة الأزهر الشريف، ثم كثر الكلام عنه عندما بدأ يطعن في حجية السنة القولية، وهى الكلام الذي تلفظ به الرسول وصح نسبه إليه، وبعدها طعن في السنة العملية وهى التي تسجل أفعال الرسول ومثالها الشهير قوله صلى الله عليه وسلم: "صلوا كما رأيتموني أصلي"، وقوله أثناء حجة الوداع: "خذ عني مناسككم".

وعن تلك السنة قال الدكتور صبحي كلامًا كثيرًا جدًا يمكن تلخيصه في نقطة واحدة وهى: إن الإسلام هو ملة إبراهيم عليه السلام وكل ما كان يتعبد به إبراهيم أحياه الإسلام، فصلاتنا الآن هي صلاة إبراهيم وكذا بقية العبادات، ولذا لا نجد القرآن قد شرح طرق أداء تلك الشعائر!

مَنْ قال للدكتور صبحي إن الخليل عليه السلام كان يصلي الظهر أربع ركعات سرية ويجلس للتشهد مرتين؟

من الواضح أن الدكتور يفترض فرضًا ويبني عليه، غير ملتفت لأساسيات مدرسة التاريخ الإسلامي التي تهدر كل رواية لا سند لها.

ثم لم يبق أمام الدكتور سوى السنة التقريرية، فنسفها نسفًا.

السنة التقريرية قال العلماء في تعريفها: إنها ما فُعل بحضرة النبي فأقره، أو علم به فسكت عليه؛ لأنه لا يسكت على باطل، ولا يقر إلا حقا.

وعندما كان يسأل الدكتور عن حجته في إهدار حجية السنة يقول: أعتمد على القرآن فقط، ما فيه يلزمني وما ليس فيه لا يلزمني.

ولقد أشار رسولنا الكريم في حديث شهير لخطورة رد الدكتور صبحي فقال لأصحابه: "لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته، يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه، فيقول لا أدري، ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه".

والحال كما رأيت دخل الأزهر معركته مع الدكتور صبحي الذي كان يرد للأزهر الصاع صاعين، وما أكثر ما كتب في وصف الأزهر قائلًا: هذا هو الأزهر الشريف للبلاستيك!

وانتهت المعركة بفصله من جامعة الأزهر وكاد أمره ينتهي إلى مقبرة الصمت إلا أن أحد الأصدقاء -سامحه الله- بعث الرجل من مرقده، عندما قال لي: الدكتور أحمد صبحي منصور يقول: إن عمر بن الخطاب قد قتل أبا بكر الصديق!

الحق لم أصدق صاحبي الذي لم أعرفه كذابًا، فسألته: هل سمعته بأذنيك؟

قال: لا، بعضهم ذكر ذلك أمامي.

قلت لصاحبي: رمي الناس بالباطل أو الشبهات هو أمر عند الله عظيم، نبحث لنتأكد.

وليتني ما بحثت، لقد قالها الرجل في كتابات موثقة وكررها كثيرًا كأنها علكة يمضغها.

عثرت على قناة على اليوتيوب لا أعرف هل هى من ممتلكات الدكتور الخاصة أو أن بعضهم قد أطلقها من أجله، وعلى تلك القناة يأتي الدكتور منصور بكل عجيبة ونقيصة، ثم عثرت على موقع يحمل عنوان "أهل القرآن"، وهو من ممتلكات الدكتور الخاصة فقرأت فيه تفصيل ما قاله صاحبي.

في تفصيل قتل الفاروق للصديق قال الدكتور صبحي: إن حلفًا مكونّا من عمر بن الخطاب وأبي سفيان بن حرب كان يفرض أوامره على حلف مضاد يضم أبا بكر وخالد بن الوليد.

طبعًا هذا الكلام بدون أي وثيقة أو حتى قرينة أو حتى أوهى دليل، فالدكتور يفترض وعلينا نحن أن نصدقه.

نعم علينا أن نصدق أن عمر بن الخطاب كان واقعًا في غرام أبي سفيان، ومن أجل عيون هذا الغرام الحرام باع عشرة العمر وهانت عليه معاني الأخوة وترك وصايا النبوة وهجر القرآن وأصبح رجل مؤامرات، لماذا نصدق هذه الأكاذيب؟

لأنه الدكتور يريد ذلك!

حلف عمر كان يعلم أن حلف الصديق يستمد قوته من وجود خالد بن الوليد، فعمل ذلك الحلف كثيرًا على عزل خالد من قيادة الجيش، وعندما تمسك أبو بكر بورقته الرابحة، قام عمر باغتياله ثم عندما تولى الخلافة قام بعزل خالد.

آه لو كان على الكلام جمرك، لدفع الدكتور الغالي والنفيس لكي يمرر كلامه هذا، ولكن المشكلة أن الكلام مرسل لا قيد عليه.

في كل ما سبق توجد حقيقتان، الأولى أن الصحابة قد تقاتلوا، ولكنهم عندما وقعت الفتنة بينهم، كانوا رجال شرف وفروسية، فكان الرجل منهم يقاتل أخاه وجهًا لوجه وسيفًا لسيف وليس بالاغتيال والخداع، والذين وقعت الفتنة بينهم لم يكونوا على عهد الصديق ولا الفاروق، لقد بدأت الفتنة بعد عهدهما بسنوات.

الحقيقة الثانية أن الفاروق عندما تولى الخلافة قد عزل خالدًا، ولكن عزل خالد كان في سياق بعيد جدًا عن سياق المؤامرات والأكاذيب التي يروج لها الدكتور صبحي.

عن قتل الفاروق للصديق يقول الدكتور صبحي:

1 ـ إنّ أبا بكر مات مسموما بمؤامرة عمر. فقد كان المسيطر على أبى بكر فى خلافته، ثم كان المستفيد من موته فتولى الحكم بعده. وساعده طلحة وعثمان وعبد الرحمن بن عوف وقد كانوا مع عمر فى مشهد موت أبى بكر ودفنه ومبايعة عمر بعده. وسنراهم فى مؤامرات تالية؟

2 ـ ولأنها مؤامرة قتل، فإن عمر أسرع بدفن الضحية ليلا، وقبل صباح اليوم التالي، ودون جنازة يحضرها الناس، بل ومنع النواح عليه. والروايات كلها تتفق فى دفن أبى بكر ليلا بمجرد وفاته ، دون أن ينتظر عمر للصباح.

لا حول ولا قوة إلا بالله، أهذا هو البحث العلمي الذي يقدمه أستاذ تاريخ؟.

أهذا تاريخ أم خيال ظل؟.

الدكتور لا يملك دليلًا واحدًا يقدم من خلاله قراءة جديدة لتاريخنا، هو فقط يمتلك خيالًا شريرًا، فكل عسل عند الرجل هو سم، وكل براءة هى حيلة وكل طهارة هى نجاسة، هل الدفن ليلًا يعني التخلص من الجريمة؟

ثم أين ذهب كل الصحابة وعلى رأسهم فتى الفتيان علي فارس الإسلام وفقيه وفيلسوفه، هل شارك في التغطية على جريمة قتل، أم تراه كان مخدرًا؟

ثم أين ذهبت أسرة الصديق والرجل من قلب قريش؟

هل سكتوا جميعًا أم كانوا غائبين عن الوعي؟.

الدكتور لا يمكنه الرد على هذه الأسئلة وغيرها، لأنه يخبط خبط عشواء، ويعبث وهو الرجل الذي جاوز السبعين بأصابع صبيانية في متن تاريخ مجيد.

المسلمون خلق من خلق الله وأمة من الأمم، وتاريخهم به النبلاء والأوباش والفجار والأبرار والقتلة والأبرياء، فلم شن صبحي غارته على أبي بكر وعمر والطبقة الأولى من الصحابة؟

إنها يا صاحبي خطة تسميم المنابع وحرق الجذور، هو ذهب إلى الشيخين الجليلين وقدمهما على هيئة رجال العصابات، فأبو بكر عنده ليس مقتولًا في مؤامرة فحسب، بل كان لصًا سرق خزينة الدولة!

إن القرآن الذي ينسب الرجل نفسه إليه يتحدث صراحة عن رضوان الله عن الذين بايعوا النبي تحت الشجرة، وكان أبو بكر وعمر على رأس المبايعين، فكيف أصبحا فجأة رجال عصابات؟

ثم السنة، عفوًا لقد نسيت أن الدكتور لا يعترف بالسنة.

ثم هناك كد وتعب أجيال عظيمة من المؤرخين، الذين دونوا تاريخنا بالكلمة بل بالحرف، كل هذا يرميه صبحي وراء ظهره.

فلا دليل ولا وثيقة ولا حتى ذكاء في قراءة الروايات التاريخية، لقد نسى الرجل في حمى الكتابة القرآن الذي يتشدق به، قال القرآن: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا على مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ".

والحمد لله فقد تبينا فلم نجد إلا خيال شر ومقولة بهتان.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق