عاجل

من قرطاج إلى «دافوس»: تونس تتحرّر... العالم يتغيّر - تدوينة الإخباري

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
من قرطاج إلى «دافوس»: تونس تتحرّر... العالم يتغيّر - تدوينة الإخباري, اليوم السبت 25 يناير 2025 03:10 مساءً

من قرطاج إلى «دافوس»: تونس تتحرّر... العالم يتغيّر

نشر بوساطة فؤاد العجرودي في الشروق يوم 25 - 01 - 2025

2341820
جاء التبجيل الذي حظي به الوفد التونسي في منتدى «دافوس» ليؤكد مدى الاحترام الذي أصبحت تتمتع به تونس لدى الكبار والصغار على حد سواء.
والواضح أن هذا الاحترام يمثل استحقاقا أفرزته الخطوات التي قطعت على درب تكريس الترابط بين سيادة الدولة وكرامة المواطن القائم على ثابته مركزية هي التعويل على الذات.
وعلى هذا الأساس تغيرت مشاركة تونس في منتدى دافوس التي قادها وزيرا الخارجية والاقتصاد الوطني من حيث الشكل والمضمون لاسيما في ظل تحول «الدفاع عن المصالح الإفريقية» إلى عنوان مركزي في الخطاب التونسي تناغما مع عودة تونس القوية إلى حضنها الإفريقي بوصفها نموذجا للتحرر يؤثر بعمق في مسار الإنحتاق الذي تعيش على وقعه شعوب القارة السمراء ويجسد توقها الجارف إلى كسر أغلال الإستعمار الاقتصادي والثقافي.
وبقدر ما يمثل هذا التوجه التزاما أخلاقيا تجاه الشعوب الإفريقية الشقيقة فإنه يكرس أيضا التزاما ثابتا بتكريس المصالح العليا للشعب التونسي حيث أن حلم تحقيق نمو اقتصادي برقمين الذي يتحدث عنه الخبراء منذ عقود لا يمكن أن يتحقق إلا إذا امتدب جسور قوية بين تونس ومحيطها الافريقي تفتح الباب على مصراعيه للإنجاز المشترك بأبعاده الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وعلى هذا الأساس أيضا أصبح «قصر قرطاج» قبلة الوفود الرفيعة الإفريقية حيث تلقى رئيس الدولة قيس سعيد في الآونة الأخيرة رسائل خطية من عديد القادة الأفارقة تعبر بكل وضوح من رغبة إفريقية قوبة في الاستلهام من منطق الثوابت الذي يقوم عليه البناء الجديد في تونس بوصفها عنوانا لطريق ثالثة كفيلة بتحقيق استدامة الرخاء والأمن في كنف التعويل على القدرات الذاتية الذي ينأى بالأفارقة عن ساحات الصراع أو بالأحرى عن استبدال مستعمر قديم بمستعمر جديد.
وبقدر ما تتراكم ثمار التعويل على الذات في تونس بقدر ما تزداد ثقة الأفارقة في قدراتهم وينكسر في بالمقابل غرور ما يسمى القوى الاستعمارية التقليدية ولاسيما الأوروبية التي تتيح لها تونس فرصة تاريخية لمراجعة حساباتها والبحث عن قاسم مشترك بحفظ لها موطأ قدم في القارة السمراء وهو ما يؤكد بكل وضوح أن تونس يمكن أن تكون ملاذا لأوروبا بقدر ما تمثل حصنا منيعا للمصالح الإفريقية.
وفي هذا الإطار أيضا تواترت في الآونة الأخيرة انتقادات رئيس الدولة لهيكلة المرفق العام وطريقة التعاطي مع التحديات القائمة وذلك على أساس أن البناء الوطني الجديد يقتضي القطع جذريا مع مقاربة «مسايرة السائد» و«القوالب الجاهزة» مثلما يتطلب ابتكار هيكلة سياسات عمومية جديدة تستوعب تطلعات الشعب التونسي غير المتمفصلة عن اكتساب عناصر القوة والتأثير في السياق الإقليمي والدولي فكلما تكسرت الحواجز أمام القدرات الخلاقة للشعب كلما تموقعت تونس أكثر كنموذج للتحرر والبناء المستديم.
وبالمحصلة يدفع رئيس الدولة القائمين على المرافق العامة نحو تكبير الصورة لتحقيق المصالحة بين تونس وإرثها المعرفي والإنساني الذي جعل منها قوة مشعة في محيطها على امتداد تاريخها العريق قبل الحقبة الاستعمارية العثمانية والفرنسية حيث أن القيروان على سبيل المثال هي واحدة من أهم رموز الحضارة في العالم مثلما كان ميناء قابس إلى حد القرن السادس عشر المنفذ الرئيسي لدول الساحل الإفريقي على غرار الكاف وقفصة اللتين كانتا مداخل للحضارة وكان الشريط الساحلي عنوانا لتقدم الصناعة البحرية في تونس وهو ما يفسر هذا الاهتمام الكبير بالمشاريع الإستراتيجية مثل المدينة الطبية في القيروان والقطار السريع الرابط بين الولايات «تي جي في» .
وعلى هذا الأساس يدفع رئيس الدولة نحو ترسيخ الاعتقاد داخل دواليب الدولة بأن رأب الهوة بين الواقع المعيش والقدرات الخلاقة للشعب التونسي يتجاوز بكثير منطق تحسين المعالجة اليومية للمشاكل ليتطلب آليات مبتكرة وسياسات حاسمة تبني علاقة التزام متبادل بين الدولة والمواطن يمر وجوبا عبر إدخال تغيير جذري على صورة ومحتوى المرفق العام تكريسا لروح الدستور الجديد الذي استبدل مفهوم «السلطة» ب «الوظيفة» .
وفي هذا الإطار تتنزل المنظومة الجديدة للمعاملات المالية المعروفة بقانون الشيك التي تتجاوز بكثير منطق الأرقام لتكرس تغييرا استراتيجيا يضع حدا لمنطق التدافع الإجتماعي الذي جعل التونسي يأكل لحم أخية وشكل أهم أدوات المسخ الأخلاقي والثقافي الذي تعرض له الشعب التونسي طيلة نصف قرن تقريبا مثلما يعيد الاعتبار لإختصاص الدولة الحصري في تقدير المصلحة العامة بعد عشرية سوداء تفشىّ خلالها الإحساس بأن كل مواطن «يحكم وحده».
وبالنتيجة يبرق رئيس الدولة من خلال اهتمامه اليومي بأداء مختلف القطاعات برسائل قوية تؤكد عمق التغيير الذي يختزله مسار 25 جويلية الذي يكرّس التلازم بين سيادة الدولة والوحدة الداخلية الصماء القائمة على الثقة المتبادلة بين الأفراد وبين المواطن والدولة وذلك على أساس أن الحلم المشترك يتطلب مراكمة الجهد المشترك.
وكلما تقدمت تونس على هذا الدرب سيستشعر المواطن ثمار التغيير على واقعه المعيش ومستقبل أبنائه وتتكشف الصورة أكثر أمام القائمين على شؤون الدولة فالتخلف مجرد وهم كرسته سياسة مسايرة السائد المتأثرة بضيق أفق التفكير.
الأخبار

.




إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق