نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الرئيس ترمب.. لا تخسر أصدقاءك وحلفاءك! - تدوينة الإخباري, اليوم الخميس 13 فبراير 2025 11:30 مساءً
في بداية الثمانينات من القرن الماضي توغل الجيش الإسرائيلي في الأراضي اللبنانية للقضاء على منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت تتخذ من لبنان مقراً لها، وكان القضاء على هذه الرموز بمثابة إضعاف شديد للقضية الفلسطينية قد يؤدي لتفككها بالكامل، غير أن الدبلوماسية السعودية بقيادة الملك فهد، رحمه الله، مارست الكثير من الضغوط على الحكومة الأمريكية آنذاك لتمارس بدورها ضغوطاً مماثلة على إسرائيل، لتترك القيادات الفلسطينية ترحل بسلام من لبنان إلى مقر بديل لها وهو تونس.
وقد تمخض عن تلك الضغوط رحيل القيادات الفلسطينية وقواتها إلى خارج لبنان، ومن الملاحظ أن الحكومات الأمريكية -على اختلاف رؤسائها- تعي جيداً أهمية القضية الفلسطينية بالنسبة للعرب ككل، لذلك ضغط العديد من الرؤساء الأمريكيين على الحكومات الإسرائيلية المتتالية ليتفاوضوا مع الفلسطينيين بهدف إقرار السلام في المنطقة، ومن أشهر الرؤساء الأمريكيين الذين دعموا السلام كارتر، وجورج بوش الأب، وكلينتون، حتى أن الرئيس بوش الأب هدد إسرائيل بوقف الدعم عنها إن لم تستجب للاجتماع الذي تم عقده في إسبانيا بقيادة الاتحاد السوفيتي وقتذاك والولايات المتحدة بهدف إقرار السلام في منطقة الشرق الأوسط.
غير أن السياسة الباهتة لحكومة الرئيس السابق بايدن تجاه القضية الفلسطينية جعلت الآمال معلقة على الرئيس الجديد -المنتخب وقتها- ترمب، ومن المؤكد أن المملكة العربية السعودية تعتبر الرئيس الأمريكي ترمب صديقاً معنياً بمصالح حلفائه، كما تعتبره الرجل القوي القادر على ممارسة الضغوط على إسرائيل، كما أنه القادر على تخليص المنطقة من الإرهاب والقضاء على محور الشر، وهو ما حدث بالفعل إبان فترة رئاسته الأولى، عندما قام بتجفيف منابع الإرهاب -ولو على نحو جزئي- من خلال قضائه على عدد من قيادات الشر.
لقد تفاءل البعض بقدوم الرئيس ترمب ليكمل مسيرة السلام في المنطقة، ولكن ليس على حساب دول المنطقة، وقد يعتبر الرئيس الأمريكي ترمب أن مشروعه السياسي الذي قام بطرحه مؤخراً مطالباً بتهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم التاريخية، ليتم توطينهم في بعض الدول العربية، كفيل بحل القضية الفلسطينية، غير أن ما لا يدركه الرئيس ترمب أن القضية الفلسطينية حقٌ تاريخيٌ ملكٌ للشعوب العربية كلها وأولهم الشعب الفلسطيني، ولا يمكن بحال من الأحوال محو تاريخ شعب عريق، فهذه الأرض الخالدة تحمل بصمات تاريخ يمتد لقرون عاش فيها الشعب فوق تراب أجداده، لا يمكن لرئيس أو زعيم أن يكون له القرار فيمن سيعيش في هذا المكان، فلا يمكن محو التاريخ من خلال بضع قرارات ارتجالية تخضع لأهواء رؤساء بعض الدول العظمى.
لا يمكن لدولة معينة مهما تمتعت بنفوذ عسكري وسياسي أن تقوم بتغيير التاريخ وتوزع إرث الشعوب على من يحلو لها هنا وهناك، فالضفة الغربية وقطاع غزة هما ما تبقى من حلم الشعب الفلسطيني، ومن الغرابة أن يطلب الرئيس ترمب من مصر والأردن موافقتهما على تهجير سكان غزة متجاهلاً أصحاب القضية والأرض، فأي دولة عربية ليس بإمكانها أن تتنازل عن ملكية ما لا تملكه، فالرئيس ترمب يريد أن تكون كندا (الدولة التي تنضوي تحت العرش البريطاني) ولاية أمريكية، كما يريد الحصول على جرينلاند من الدانمارك، وهذه التصريحات قد تؤدي في نهاية المطاف لأن يخسر الرئيس حلفاءه وأصدقاءه من الدول العربية والغربية معاً.
من المؤكد أن أحد أهم مؤشرات النجاح لأي رئيس هو قدرته على بناء تحالفات تصب في مصلحة بلده، أما خسارة الحلفاء والأصدقاء فلا تعني إلا أن الأصدقاء والحلفاء القدامى سيتخذون مواقف دفاعية للدفاع عن مصالح شعوبهم، وخسارة الحلفاء قد تضر بمصالح الشعب الأمريكي على المدى الطويل، فقد تحقق تلك السياسات الرعناء نجاحات على المدى القصير، غير أنه في نهاية المطاف لا يمكن أن تُلغي الحقوق التاريخية من خلال بضع قرارات ارتجالية من دول تستخدم نفوذها السياسي والعسكري لمساندة دولة مغتصبة تجد من شد أزرها، في عالم يبدو فيه أن قانون الغاب قد بدأ يلوح في الأفق.
0 تعليق