عاجل

ابتلاع البحر للبشر - تدوينة الإخباري

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ابتلاع البحر للبشر - تدوينة الإخباري, اليوم الاثنين 10 فبراير 2025 11:56 مساءً

رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق رابين (١٩٢٢-١٩٩٥)، كانت غزة تسبب له صداعاً أمنياً (جيوسياسياً) مزمناً، حتى أنه قال يوماً إنه يحلم بأن يُصْبِح ذات يوم ويجد أن البحر قد ابتلع غزة، أرضاً وبشراً! أمنية من أضغاث الأحلام تعكس استحالة التعامل الأمني مع غزة بأدوات القوة المادية، مهما بلغ جبروتها وإغراءاتها. الحل، لا بد أن يكون جذرياً: محو غزة من خريطة المنطقة، وكوكب الأرض، مهما كان الثمن.

في الواقع، لم يبتلع البحر غزة، وما كان له. كما كان رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق يحلم. في حقيقة الأمر: صمدت غزة في مواجهة كل جبروت وإغراءات إفراغها من أهلها، لأكثر من ثمانية عقود. غزة التضاريس والبشر، صمدوا في مواجهة كل إغراءات الحصار وأساليب الطرد القسري لسكانها. حتى أن غزة عندما أخبر إسحق رابين بذلك الحلم، تضاعف عدد سكانها، لما يقرب من خمسة أضعاف، عدد سكانها الحالي... وظلت غزة صامدة مقاومة وصابرة، متشبثين أهلها بالأرض، كما أن الأرض ظلت وفيةً لسكانها المتجذرين في أعماق تربتها المروية بدماء شهدائها، تتحدى كل محاولات إفراغ سكانها منها، قسراً أو طوعاً.

بعد أن عجزت إسرائيل عن التعامل مع صداع غزة الذي قض مضجع اليهود، مسبّباً قلقاً أمنياً وجودياً، جاء الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بما يراه هو ومستشاروه، بما يُخيل لهم أنه حل جذري لمسألة غزة. يرى ترمب الإبقاء على غزة الأرض.. وإلقاء شعبها في البحر!. ترمب، عندما أعلن عن مشروعه الجنوني هذا، ربما تكون القوة الغاشمة لبلده قد أغرته وسوّلت له أن بإمكانه تنفيذ مشروعه هذا، ضارباً بعرض الحائط كل ما يحول عملياً وأخلاقياً وسياسياً دون حتى التفكير فيه، دعك من الجرأة على تنفيذه.

لا غرابة أن ترمب عند إعلانه عن مشروعه الجهنمي هذا كان واقفاً بجانبه مجرم الحرب (بنيامين نتنياهو) المدان قضائياً من محكمة الجنايات الدولية لارتكاب جيشه المدجج بالأسلحة الفتاكة (الأمريكية الصنع) مجازر ضد أهل غزة في حربٍ عدوانية استمرت لأكثر من 15 شهراً. رئيس الوزراء الإسرائيلي كانت تعلو سحنته ابتسامة صفراء، تكشف عن أنياب يقطر منها دم شهداء غزة ولسان حاله يقول: هذا كثير والله، لم أكن أحلم بعشر ما قاله الرئيس الأمريكي!

دعك من كل هذا الهراء، للنظر في إمكانية تطهير الأرض عرقياً من سكان متشبثين بثراها، ومتجذرين في أعماق تاريخها وحضارتها، ليأتي منظرون من أقصى غرب الكرة الأرضية من أجل أن يبنوا منتجعاً، ينافس الريفيرا الفرنسية!؟ مثل هذا الأمر، لو هناك نية حقيقية أن تنفذه إدارة الرئيس ترمب، فإنه سيُلحق العار بالولايات المتحدة وشعبها، وربما يأذن بزوالها. عندها سوف يكون الرئيس ترمب أول رئيس أمريكي ممكن أن يلحق برئيس الوزراء الإسرائيلي وحكومته، بإعلانه رسمياً مجرم حرب من أعلى سلطة قضائية في العالم (محكمة الجنايات الدولية).

مشروع جهنمي، مثل هذا، يقوم على تطهير شعبٍ، بإلقائه في البحر، ليُهجّر خارج وطنه، بغرض الاستيلاء على أرضه عنوةً وقسراً، من قِبلِ أعداء للسلام، يُعد سابقة إجرامية لم تمارسها دولة ضد شعب آخر، حتى هتلر لم يكن بهذه الجرأة، وهو يتعامل مع المسألة اليهودية في ألمانيا. مشروعٌ، مثل الذي يتحدث به الرئيس الأمريكي، يُعدّ جريمة حرب لم تجد مثلها في التاريخ، بإلقاء أُناس في البحر، لأن رئيساً أصبح يفكر برؤية مطور عقاري، طمع في قطعة أرض باركها الله، وسار على ثراها الأنبياء يبشرون بالسلام والإسلام، لتكون مجالاً لتوسع كيان، زرعه الاستعمار القديم، وتبنّت رعايته «زعيمة» النظام الدولي الحديث، المنوط بها الحفاظ على سلام العالم وأمنه.

نحن لا نزعم أن شعب غزة قادرٌ على التصدي وحده لهذا العدوان الجديد على أمنه وسلامة أرضه، لكن ما أنجزه هذا الشعب في التصدي لعدوان شرس، بإمكانات عسكرية وسياسية وإعلامية ضخمة، امتد لأكثر من 15 شهراً، لا يمكن اقتلاع هذا الشعب الأبي عنوةً من أرضه وإلقائه في البحر، ليهيم في تيهٍ قسريٍ، إطلاقاً.

يبدو أن الرئيس ترمب ذاكرته ضعفت، لدرجة أنه لم يستوعب تاريخ مغامرات الولايات المتحدة التوسعية، من فيتنام للعراق مروراً بأفغانستان. مشروع تحويل غزة لـ«منتجع» سياحي، غير قابل للتفعيل، لأن غايته شريرة لا أخلاقية.. ومن اقترحه وعزم على تنفيذه يستخدم قوة بلده الجبارة، بوصفه رئيساً لها، لارتكاب جريمة ضد الإنسانية، لم يسبقه لها أعتى مجرمي الحرب في التاريخ.

غزة لن تلفظ شعبها ليبتلعه بحرها.. وغُزاتها لن يتمكنوا من تدنيس ترابها الطاهر، الذي ارتوى بدماء شهدائها، عبر التاريخ.. وانطلقت منه جحافل الأحرار الفاتحين لنشر السلام والحضارة والدين القيم للبشرية، جمعاء.


إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق