نشر في الشروق يوم 09 - 02 - 2025

بتصريحات غير واقعية ، يهاجم " دونالد ترامب" على اليمين واليسار " أعداءه " بتصريحات صحفية مفاجئة مثيرة للجدل .. تصريحات يعلم هو أكثر من غيره انها غير واقعية ، وواقعيتها لا تتجاوز شد الأنظار إليه وتقديمه لنفسه في صورة رئيس أكبر دولة في العالم بإمكانها أن تهز العالم وتعيد تقسيمه وفق رؤيته وشخصيته المتعطشة للحكم.
ترامب ، وببساطة يفكر في ضم كندا إلى الولايات المتحدة وتحويلها إلى مقاطعة أمريكية ، كما يفكر في احتلال جزيرة بورتيلاند ..ويوقع مراسيم قمرقية على البلدان التي يريد تركيعها ، واقراره عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية التي ادانت ناتنياهو ، بل ويقترح تهجير أهالي غزة إلى مصر والأردن واهما نفسه بأنه بإمكانه التصرف في أرض عزيزة تنشق السماء ولن يغادرها أبناء فلسطين..
جل تصريحات ترامب منذ توليه رئاسة الولايات المتحدة الامريكية غير قابلة للتنفيذ على أرض الواقع ، ومع ذلك يخرج " الأمبراطور " بين الحين والآخر بتصريحات تفاجأ حتى المقربين منه ..فتهتم وسائل الإعلام بالخبر وتضعه في المقدمة ، وبعد رواجه وغليان العالم يتراجع ببساطة ويجد لنفسه التبريرات للتراجع ..
خطة تهجير الغزاويين إلى مصر والأردن ، قلبت العالم واستبشر لها السفاح ناتنياهو وبدا مزهوا سعيدا وهو يستمع إلى تفاصيل قنبلة ترامب الكلامية .. قنبلة انفجرت اعلاميا فهزت العالم لكنه سرعان ما تراجع عنها وكأنه ينفخ في بالون تجارب يقيس به ردة الفعل عن مشروع غير واقعي مع بواسل دفعوا 52 الف شهيد وركّعوا في النهاية ناتنياهو للهدنة.
ترامب يعلم أكثر من غيره أن تصريحاته بخصوص التهجير لن تمر ، وقد يدفع الغزاويون حياتهم وحياة أجيالهم اللاحقة بالكامل ولن يغادروا تربة أرضهم ، فهم ملح تربتها الزكية وجذورها من جذورهم ، وهواؤها من رئة كل فلسطيني يموت مختنقا دون أن يفرط في أرضه.
خطته في التهجير القسري، وكما كان متوقعا حركت الشارع العربي وغير العربي بعفوية وقوة قبل أن يتحدث عن تفاصيل مشروعه في إعادة بناء المنطقة تحت السيطرة الأمريكية ..تراجع مسرعا عن مشروعه كما تراجع من قبل عن مشروع غزة التي بإمكانها أن تكون أفضل من موناكو !.
ومع غليان الشارع الذي يمثل صمام أمان المنطقة ، أكدت مصر، من خلال تصريحات رسمية رفضها التام لأي مسعى لفرض واقع جديد في غزة يشمل تهجير السكان، وأبرزت القاهرة أن الحل الوحيد هو تحقيق تسوية سياسية شاملة تُعزز حقوق الشعب الفلسطيني.
الأردن، الذي يستضيف أكبر عدد من اللاجئين الفلسطينيين، اعتبر أن أي تهجير جديد للفلسطينيين "خط أحمر". وقال العاهل الأردني أن بلاده لن تكون بديلًا عن فلسطين ولن تقبل بأي مخطط لتغيير ديموغرافية المنطقة..
التنين الصيني تحرك لتعلن بكين دعمها بقوة للحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني ، وهي "تعارض بقوة استهداف سكان غزة"، وقالت وزارة خارجيتها أن "غزة للفلسطينيين.. وليست أداة مساومة سياسية ناهيك عن أن تكون هدفا لقانون الغاب".
راشد شعور

.