بورتريه: حسن نصر الله.. القائد والمعلم - تدوينة الإخباري

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
بورتريه: حسن نصر الله.. القائد والمعلم - تدوينة الإخباري, اليوم السبت 5 أكتوبر 2024 02:18 مساءً

بورتريه: حسن نصر الله.. القائد والمعلم

نشر بوساطة فؤاد العجرودي في الشروق يوم 05 - 10 - 2024

2328643
ربما سيكون له تأثير بعد استشهاده أكبر بكثير من كل إنجازاته على امتداد أربعة عقود من الزمن.
من هذه الزاوية بالذات يبدأ توصيف شخصية القائد والمعلم «حسن نصر اللّه» الذي اغتالته آلة الإرهاب الصهيوني في عرينه بيروت الشامخة والصامدة والمتوثبة لكسر غرور تل أبيب وإسقاط كلّ حساباتها في الماء.
بل إن اغتيال زعيم المقاومة اللبنانية يمثل بكل المقاييس حدثا تاريخيا مفصليا جاء تعبيرا عن العمى الإستراتيجي للكيان الصهيوني الذي لم يكن يدرك بفعل ضغوطات الحزام الناري المشتعل حوله منذ نحو عام كامل أنه باغتيال حسن نصر اللّه سيصنع ملايين نصر اللّه على امتداد الهلال الخصيب حيث أن الدماء الزكية لرجل بهذا الإيمان والثبات حسمت بشكل قاطع في مصير الكيان الصهيوني بوصفه العدو المشترك للعرب كافة وكل ما سيستجد من أحداث في المنطقة وربما العالم بأسره سيسير وفقا لهذا المقياس.
لقد اكتسب حسن نصر اللّه كل الخصال التي تجعل منه رمزا وقدوة للشباب العربي التائق لكسر أغلال الإحباط والعجز الناجمة عن استسلام أغلب الأنظمة العربية بدرجات متفاوتة للهيمنة الصهيو أطلسية حيث أنه بثباته على نهج المقاومة إلى جانب إخوانه في فلسطين المحتلة وسوريا واليمن التين قاومتا الحصار الأطلسي والعربي الجائر قد ساهم بقسط وافر في إحياء مفهوم «العزة» العربية في مواجهة المشروع الصهيوني الذي استثمر عقودا طويلة في إضعاف الدافع الحضاري العربي خاصة بإخضاع الأنظمة لوصفة «المجتمع الإستهلاكي» وافتعال الفتنة الطائفية تكريسا لنظرية فرق تسد وابتكار ما يسمى الجماعات الجهادية لترهيب الجيوش والشعوب والأهم من ذلك تشويه صورة العروبة والإسلام الذين يمثلان ركنين متلازمين لحضارة عظيمة تسبب تراجعها وتشتتها منذ بداية القرن التاسع عشر في موجة تنكيل بالبشر غير مسبوقة في التاريخ بعد أن وجدت الحركة الصهيونية الطريق سالكة لإشباع جشعها وتعطشها للدماء وتوقها الجارف لتحطيم منظومة القيم الإنسانية والأخلاقية لحساب عقيدة «دين المال» التي وصلت قبل قيام طوفان الأقصى إلى ذروتها من خلال خروج مشروع «الديانة الإبراهيمية» من الكواليس المظلمة إلى الأضواء الكاشفة تتويجا لمسار كامل من الصهاينة بدأ بقيام معاهدة «كامب دايفد» عام 1979 .
هذه الترتيبات التي كانت تطمح من ورائها الحركة الصهيونية إلى تذويب الحضارة الإسلامية على غرار ما فعلته في الديانة المسيحية منذ القرن السادس عشر أسقطها القائد حسن نصر اللّه في الماء بالوقوف سدا منيعا أمام أطماع الكيان الصهيوني وما رافقها من مؤامرات خبيثة منها تفجير مرفأ بيروت في أوت 2024 ثم بالفهم الدقيق لمتطلبات وأبعاد إسناد طوفان الأقصى بوصفه فرصة تاريخية لتخليص المنطقة بأسرها من السرطان الصهيو أمريكي وفسخ تداعيات وعد بلفور والمخطط البريطاني الفرنسي لتقسيم المشرق العربي المعروف بمعاهدة «سايكس بيكو».
والواضح أن عقل «نصر اللّه» الموسوعة وحنجرته الذهبية جعلا منه صاحب تأثير سحري في محيطه العربي ساهم إلى أبعد حدّ في تصحيح المفاهيم الملغمة والمسمومة التي كرستها سياسات الإستسلام والخنوع فقد تيقن العرب بفضل إيمان وثبات نصر اللّه أنهم أصحاب حضارة عريقة وأن عدوهم مجرد طائفة وحوش آدمية بل إن العالم بأسره أعاد اكتشاف حقيقة الكيان الصهيوني بوصفه قاتل للنساء والأطفال.
لتسقط بذلك كل مساحيق الديمقراطية الغربية الزائفة وتتحول فكرة المقاومة إلى عقيدة تستمد منها سائر الشعوب القدرة على كسر قيود الإستبداد وفي مقدمتها الشعوب الأوروبية والأمريكية التي وصلت إلى مرحلة الإنفجار تحت ضغط القمع الناعم الذي حول المواطن إلى مجرد رقم صغير في معادلة ربح جشمة ومتوشحة وهو ما أفرز تصادما متصاعدا بين إرادة الشعوب وسياسات الأنظمة جعل الحكومات تتساقط مثل الذباب في أوروبا فيما بدأت ترشح فرضية الطريق الثالث في الولايات المتحدة بعد أن استنفد تجمع «المال والسلاح والإعلام» الذي يديره اللوبي الصهيوني كل أسلحته في مواجهة شعب يتوق للتمرد على معادلة الجمهوري والديمقراطي بوصفهما وجهين لعملة واحدة.
وبالمحصلة تتجاوز أبعاد شخصية القائد «حسن نصر الله» مجرد التمسك بالأرض لتعبر عن قوة الدافع الحضاري والإيمان بحتمية عودة الحضارة العربية الإسلامية الأصيلة إلى مكانتها الرفيعة ودورها المحوري في ترسيخ.
وإثراء القيم الإنسانية وهو جوهر الرهان الذي يدور حوله مخاض الشرق الأوسط ومسار تشكل العالم الجديد الذي لن يكتمل إلا بتحرير القدس شعلة النور ومنبت السلام من قبضة الحركة الصهيونية التي تسميها إيران «الغدة السرطانية» تعبيرا عن تأثيرها الفتاك في طبيعة الإنسان ورسالة على الأرض.
هذه هي أركان المعادلة الكبيرة التي استشهد من أجلها المعلم والملهم « حسن نصر اللّه» ليخط بدمائه الزكية وإرثه النضالي العظيم معالم الطريق إلى النصر بعد أن حشر الكيان الصهيوني في زاوية مغلقة تنعدم فيها الخيارات الإستراتيجية وذلك تتويجا لأحداث عام كامل أكدت بكل وضوح أن حسن نصر اللّه أكثر العارفين بنقاط ضعف هذا الكيان حيث أن المقاومة اللبنانية الباسلة والشريفة بقدر ما خففت آثار العدوان على الشعب الفلسطيني موصدة بذلك كل الأبواب أمام أجندا التهجير فإنها وضعت إسرائيل تحت ضغط الإستنزاف اللوجستي الذي سينتهي حتما بإنفجار هذا الكيان من الداخل ليتكسر بذلك العمود الفقري لما يسمى الصهيونية العالمية ويعاد ترتيب أوضاع العالم بالمقياس الحضاري الذي يمنح أسبقية واضحة لمحور الشرق.
من هذه الزاوية بالذات يمكن استيعاب لماذا استخدم الغرب برمته كل قدراته العسكرية والإستخباراتية والتكنولوجية لاغتيال «حسن نصر اللّه» بتلك الطريق المتوشحة أياما قليلة بعد التحدي الذي رفعه في وجه «نتنياهو» بقوله «لن تتمكن من إعادة المستوطنين إلى شمال فلسطين مهما فعلت» حيث أنه بهذا التحدي نزع نصر اللّه السلاح الوحيد الذي كان يناور به نتنياهو لتأجيل انفجار المجتمع الإسرائيلي مكرّسا بذلك قوة الإيمان بالحق وأعمق معاني الفداء فالواضح أن الرجل كان يدرك جيدا أن تلك الكلمات ستوصل جنون الصهاينة إلى مداه وبالنتيجة تمثل شخصية القائد حسن نصر اللّه صرحا شامخا وكبيرا في هرم صناع الحرية في العالم مثل «تشي غيفارا» في أمريكا «ونيلسن مانديلا» في إفريقيا حيث أكد بثباته وإيمانه أن فكر المقاومة عالم فسيح لا حدود له فيما الخضوع للاستعباد الصهيوني يعني التنازل عن كل شيء والانزواء داخل سجن انفرادي لا منفذ فيه لأشعة الشمس والهواء النقي.
الأخبار

.




إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق