نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
خطيب المسجد النبوي: الحوادث والأمراض تكفر الذنوب وتستدعي التوبة وتحفز على الصدقة - تدوينة الإخباري, اليوم الجمعة 7 فبراير 2025 03:33 مساءً
تحدّث إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور صلاح بن محمد البدير عن فضل الصبر على البلايا والمحن، واليقين والرضا بقدر الله عند حصول الفواجع والأحزان، مبينًا أن الدنيا دار ابتلاء، لايجزع فيها العبد المؤمن، ولا يقنط من فرج ربّه ورحمته.
وأوضح الشيخ الدكتور صلاح البدير في خطبة الجمعة من المسجد النبوي اليوم، أن الدنيا دار نكدٍ وكدر، فجائعها تملأ الوجود، وأحزانها كلما تمضي تعود، وكل يَوْم نرى راحلًا مشيعًا، وشملًا مصدَّعًا، وقريبًا مودَّعًا، وحبيبًا مفجَّعًا، فمن رام في الدنيا حياةً خالية من الهموم والأكدار، فقد رام محالًا.
وأضاف مذكرًا أن من آمن بالقضاء والقدر هانت عليه المصائب، فلا يكون شيء في الكون إلا بعلم الله وإرادته، ولا يخرج شيء في العالم إلا عن مشيئته، ولا يصدر أمر إلا عن تدبيره وتقديره، ولله فِي خلقه أقدار ماضية، لا تُردُّ حكامها، ولا تصدّ عن الأغراض سهامها، وليس أحد تصيبه عثرة قدم ولا اختلاج عرق ولا خدش عود إلا، وهو في القدر المقدور والقضاء المطور.
وحضّ فضيلته العباد على عدم استعجال حوادث الأيام إذا نزلت، أو الجزع من البلايا إذا أعضلت، أو استطالة زمن البلاء وأن لا يقنطوا من فرج الله ولا يقطعوا الرجاء من الرحمن الرحيم، فكل بلاء وإن جلّ زائل، وكلّ همّ وإن ثقل حائل، وإن بعد العسر يسرًا، وبعد الهزيمة نصرًا! وبعد الكدر صفوًا، وبعد المطر صحوًا، وعِنْد تناهي الشدَّة تنزل الرحمة، وعند تضايق البلاء يكون الرخَاء، فلا يكونوا ضحايا القلق وجلساء الكآبة، وسجناء التشاؤم وأسارى الهموم، فسموم الهموم تشتّت الأفكار، وتقصر الأعمار.
وأوضح فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي أن الكمد على الشئ الفائت والتلهف عليه، وشدة الندامة والاغتمام له، وفرطُ التحسّر وكثرة التأسف والاستسلام للأحزان يقتل النفس، ويذيب القلب، ويهدم البدن، محذرًا من الإفراط في الأحزان وتهييج ما سكن من الآلام والغرق في الغموم والهموم، والإسراف في تذكّر المصائب والأوجاع، داعيًا إلى الاسترجاع بذكر الله والإيمان بقضائه وقدره، إذ جعل الله الاسترجاع ملجأ لذوي المصائب، وعصمة للممتحنين، ووعد الصابرين المسترجعين بمغفرته ورحمته جزاء اصطبارهم على محنه وتسليمهم لقضائه، مستشهدًا بما روي عن أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ: “مَا مِنْ مُسْلِمٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ فَيَقُولُ مَا أَمَرَهُ اللهُ: إِنَّا لِلهِ وإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي، وأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا، إِلَّا أَخْلَفَ اللهُ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا” أخرجه مسلم.
وتابع فضيلته الخطبة، مذكرًا أن الصبر جنّة المؤمن، وحصن المتوكل، داعيًا إلى لزوم الصبر على حلو القضاء ومره، وعلى غمرات البلاء وصدماته، على نكبات الدهر ومصيباته، ففي الصبر مسلاة للأحزان، فما صفا لامرئ عيش ولا دامت لحيّ لذة، فمن وطّن نفسه على الصبر لم يجد للأذى مسًا، ومن صبر على تجرّع الغُصص واحتمال البلايا وأقدار الله المؤلمة صبّ عليه الأجر صبًّا، فالمؤمن يكون صبره بحسن اليقين الذي يزيد الآمال انفساحًا، والصدور انشراحًا، والنفوس ارتياحًا.
وحثّ إمام وخطيب المسجد النبوي على ملازمة قراءة القرآن لأن فيه مسلاة للقلوب، ومسراة للكروب، وبها تصغر نازلة الخطوبه، كما أن لقاء الأصدقاء الصلحاء النصحاء عافية للبدن، وجلاء للحزن، كما أن مما يِبردُ حرّ المصائبُ، ويخفف مرارتها أن يعلم المبتلى بما أصيب به غيره من الناس مما هو أعظم من مصيبته وبيلته، وأن يعلم أن الأنبياء والأولياء لم يخلُ أحدهم مدة عمره عن المحن الابتلاء، مذكرًا أن الأوجاع والأمراض والمصيبات تكفّر الخطايا والسيئات، كما روى أَبِي سَعِيدٍ وأَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهما أَنَّهُمَا سَمِعَا رَسُولَ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ: “مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ وصَبٍ، ولَا نَصَبٍ، ولَا سَقَمٍ، ولَا حَزَنٍ حَتَّى الْهَمِّ يُهِمُّهُ إِلَّا كُفِّرَ بِهِ مِنْ سَيِّئَاتِهِ” أخرجه مسلم.
وأضاف، أن من أمسك نفسه ولسانه عن التسخّط والاعتراض لم يؤاخذ على بكاء عينه وحزن قلبه، واختلاج الألم في صدره، وإنما الذم واللوم والإثم على من لطم وناح وتسخْط واعترض وجزع، مضيفًا أن تأنيس المبتلى المحزون وتسليته، وتهوين المصيبة عليه، والربط على قلبه، وتعزية نفسه المفجوعة والتخفيف عنها من الأعمال النبيلة، والقربات الجليلة.
واختتم فضيلته خطبة الجمعة بالدعاء والتضرْع للمولى جل وعلا أن ينصر إخواننا في فلسطين، على الطغاة المحتلين، وأن يطهّر المسجد الأقصى من اليهود الغاصبين، وأن يحفظ أهلنا في فلسطين ويجبر كسرهم، ويعجّل نصرهم، ويقيل عثرتهم، ويكشف كربتهم، ويفك أسراهم، ويشفِ مرضاهم، ويتقبل موتاهم في الشهداء.
0 تعليق