نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مع الشروق : لا تسامح مع تُجّار «السُّموم» - تدوينة الإخباري, اليوم الخميس 30 يناير 2025 11:20 مساءً
نشر في الشروق يوم 30 - 01 - 2025
حوالي 5 آلاف مُروّج مخدرات تم ايقافهم في تونس سنة 2024 مقابل 3 آلاف سنة 2023 ، وكميات هامة من مختلف أصناف المخدرات تم حجزها على امتداد العام المنقضي توزعت بين الأقراص المخدرة والقنب الهندي والكوكايين والهيروين وغيرها، مع تسجيل أرقام أخرى في ارتفاع مطلع العام الجاري.. أرقام مفزعة ما انفكت تتطور من سنة إلى أخرى وتدفع إلى ضرورة اطلاق كل صفارات الإنذار واشعال كل الأضواء الحمراء للتحذير من هذه الآفة التي ما فتئت تستفحل بيننا منذرة بمخاطر لا يمكن التكهن بمخلفاتها على مجتمعنا..
ورغم أن هذه الارقام تعكس نجاحا باهرا حققته القوات الامنية ودأبت على تحقيقه على امتداد السنوات الماضية، وهو ما يبعث على الارتياح، إلا أنه لا يجب أن يحجب مخاوف أخرى ذات علاقة بتساؤلات عديدة: كيف تدخل هذه "السموم" إلى بلادنا؟ هل كلها عن طريق التهريب؟ أم توجد منافذ أخرى تمر عبرها؟ من يكون في استقبالها قبل الشروع في توزيعها "بالجملة" ثم في ما بعد "بالتفصيل" وصولا إلى تفاصيل التفاصيل ؟ هل يقع تسليط العقوبات الصارمة ضد مرتكبي هذه الجريمة؟ وهل يتحقق الردع المطلوب من هذه العقوبات؟
جملة من التساؤلات يطرحها عديد التونسيين خاصة بعد أن أصبحت المخدرات شبيهة بالوباء الجماعي الذي يخشى الجميع من خطره على ابنائه وعائلته وأصدقائه ومعارفه. فهو يستهدف كل الفئات العمرية بما في ذلك الأطفال والشبان أمام المؤسسات التربوية والجامعية .. كما يستهدف مختلف الطبقات الاجتماعية من ميسورين ومتوسطي الدخل وفقراء وينتشر في مختلف الأحياء السكنية الراقية والشعبية وفي الأرياف، بل ويستهدف الإناث كما الذكور ويدخل البيوت ومواقع العمل والدراسة والأماكن العمومية بما في ذلك المقاهي والملاهي والنزل..
وتكشف بعض القضايا أحيانا عن تورط بعض نجوم الفن والرياضة وبعض رجال الأعمال وبعض النافذين في جريمة تهريب وترويج المخدرات. وهو ما يؤكد أن الأمر لم يعد يقتصر على "المُختصين" التقليديين في تجارة المخدرات الذين يمكن التفطن اليهم بسهولة، بل اصبح يستهوي كثيرين ممن لا هم لهم غير تحقيق الربح السريع والوفير، دون اكتراث بما يتسبب فيه ذلك من تدمير للمجتمع وخاصة للفئة الشابة منه، مستغلين في ذلك نفوذهم وشهرتهم للتخفي ولابعاد الشبهات عنهم والإفلات من العقاب وتحميل المسؤولية الى أطراف أخرى تشاركهم الجريمة .
وقد ثبت اليوم بما لا يدع مجالا للشك أن الخطر قد يستفحل أكثر فأكثر ما لم تتضافر جهود أخرى إلى جانب جهود الأجهزة الامنية لإيقاف النزيف. فآفة المخدرات في حاجة إلى رقابة أكبر على مستوى المعابر الحدودية ومسالك التهريب، وفي حاجة ايضا الى عمل استعلامي لا يقتصر فقط على الاجهزة الامنية بل يشارك فيه الجميع. وهو في حاجة أيضا إلى مزيد التوجه أكثر نحو "الرؤوس الكبرى" لترويج السموم والاعتماد على كل المؤشرات والدلائل الممكنة خاصة مظاهر الإثراء غير المشروع التي تظهر على البعض وتؤكد وجود نشاط غير قانوني. كما انه في حاجة أيضا إلى تشديد العقاب دون أية ظروف تخفيف والحد من ظاهرة الإفلات من العقاب ..
ويظل مجهود القوات الامنية والديوانية والدور القضائي في مكافحة المخدرات في حاجة إلى معاضدة التوعية والتحسيس بمخاطر هذه الآفة . وهو ما يتطلب إيلاء اهتمام بالومضات التحسيسية حول مخاطر المخدرات عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي وعبر الاعمال الفنية والثقافية ومن خلال الأنشطة التثقيفية والترفيهية داخل المؤسسات التربوية والجامعية. ومن الضروري ان تلعب العائلة دورا كبيرا في هذا المجال من خلال التحسيس والمراقبة المستمرة للأبناء. فبذلك تكون المقاربة جماعية ويمكن محاصرتها ومنع توسعها.
فاضل الطياشي
.
0 تعليق